هديًا بنية التحلُّل؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ و (إذا لم يجد هديًا: صام عشرة) أيام بنية التحلُّل (ثم حلَّ)؛ قياسًا على المتمتع (٥) (ويجب بوطء
الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ حيث أوجب الهدي فيمن حج مُتمتعًا؛ لأن التقدير:"فعليه هدي" و"على" من صيغ الإيجاب، وهذا مطلق، فيشمل ما ذكرنا من الصور دون تقييد، والقارن مثل المتمتع هنا بل أولى منه في وجوب الهدي؛ لأن القارن لا يجب عليه إلا طواف واحد وسعي واحد فهو أولى بإيجاب الهدي؛ لقلة المشقة؛ بخلاف المتمتع، فيكون من باب مفهوم الموافقة الأولى، فإن لم يجد القارن الهدي: فإنه يصوم كالمتمتع، فإن قلتَ: لمَ وجب الهدي عليهما دون المفرد؟ قلتُ: شكرًا لله تعالى على أنه يسَّر له وجمع حجة وعمرة في سفرة واحدة، وأنه جعل المتمتع يفعل ما يشاء بين العمرة والحج، وأنه جعل عمل القارن أقل من عمل المتمتع، فإن قلتَ: لمَ أوجب صيام الثلاثة في الحج؟ قلتُ: لعدم مشقة صيامها في الحج غالبًا كفدية الأذى، وكفارة اليمين: فإن قلتَ: لمَ كان الأفضل جعل آخر صيام الثلاثة يوم عرفة؟ قلتُ: لأجل أن تكون قبل أيام النحر التي هي أيام أكل وشرب وذكر لله.
(٥) مسألة: المحصَر - وهو: من أحرم بالحج أو العمرة من الميقات، ثم مُنع من دخول مكة -: فإنه يذبح هديًا في موضع الإحصار - وهو: بدنة أو شاة كما سيأتي بيانه في باب "الفوات والإحصار" - ويفعل ذلك بنية التحلُّل من الإحرام، فإن لم يجد هديًا: فإنه يصوم عشرة أيام: ثلاثة في موضع الإحصار، وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ حيث أوجب الشارع الهدي على المحصر؛ لأن التقدير:"إن أحرمت ثم مُنعت من دخول مكة فعليك هدي" و"على" =