للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يصح وضوء، وغسل، وتيمم ولو مستحبات إلا بها (فينوي رفع الحدث أو) يقصد (الطهارة لما لا يُباح إلا بها) أي: بالطهارة: كالصلاة، والطواف، ومس المصحف؛ لأن ذلك يستلزم رفع الحدث (١٩)، فإن نوى طهارة، أو وضوءًا، أو أطلق، أو غسل

والمقصود هنا هو: "الشَّرْط" وهو الأول، والشرط في الاصطلاح: "ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته" مثل: "الطهارة" حيث إنها شرط لصحة الصلاة: يلزم من عدم الشرط - وهو الطهارة - عدم الحكم - وهو: صحة الصلاة، ولا يلزم من وجود الشرط - وهو الطهارة - وجود الحكم ولا عدمه: فقد توجد الطهارة وتصح الصلاة؛ لأنه استكمل شروطها وأسبابها الأخرى، وقد توجد الطهارة ولا تصح الصلاة؛ لأنه نقص شرط من شروطها الأخرى، وقد أطلت الكلام عن بيان ذلك في كتابَي: "المهذب" و"الإتحاف".

(١٩) مسألة: تشترط النية للوضوء السابق، وللطهارات عن الأحداث جميعًا، فلا صحة لوضوء أو غُسل، أو تيمم إلا إذا نوى أنه يفعل ذلك لرفع حدثه الأصغر أو الأكبر؛ لأجل الصلاة بطهارة، أو نوى بذلك الوضوء أو الغسل أو التيمم: استباحة شيء لا يُستباح إلا بالطهارة كالصلاة ومس المصحف، والطواف، سواء كانت فروضًا أو نوافل؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "إنما الأعمال بالنيات" حيث دل على أنه لا عمل شرعي صحيح إلا بنية قصده لله تعالى؛ والطهارة عمل فيشمله عموم لفظ "الأعمال" لأنه جمع معرف بأل وهو من صيغ العموم، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من نيته رفع الحدث: صحة الوضوء، ويلزم من نيته بالطهارة: استباحة ما لا يُستباح إلا بالطهارة: رفع الحدث؛ ضرورة، فهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، فإن قلتَ: لِمَ اشتُرطت النية في جميع العبادات؟ قلتُ: لتعيين العمل، وتمييز العبادة عن العادة؛ لأجل تمييز ما لله عما ليس له، وتمييز مراتب العبادات في أنفسها؛ لتقدير مدى تعظيم العبد لربه، ولتكون المكافئة على ضوء =

<<  <  ج: ص:  >  >>