للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب استيعاب ما بينهما في كل مرَّة، فيُلصق عقبه بأصلهما إن لم يرقهما، فإن ترك مما بينهما شيئًا ولو دون ذراع: لم يصح سعيه (٣٥) (فإن بدأ بالمروة: سقط الشوط الأول) فلا يحتسبه (٣٦)، ويُكثر من الدعاء والذكر في سعيه، قال أبو عبد الله: كان

جبل المروة بذلك لبياض حجارته ولمعانها. [فرع]: يُباح أن يسعى راكبًا شيئًا ولو من غير عذر؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه قد فعل ذلك، فإن قلتَ: لمَ أُبيح ذلك في السعي دون الطواف؟ قلتُ: لأن الطواف صلاة، والصلاة لا تصح على الراحلة فكذلك الطواف، أما السعي فليس بصلاة: لذلك جاز السعي على الراحلة وبلا طهارة.

(٣٥) مسألة: يجب أن يكون سعيه مستوعبًا لما بين الصفا والمروة في كل شوط: بأن يتم الشوط من أول الصفا إلى أول المروة بحيث يلصق بهما لصوقًا لا يترك شيئًا بينه وبين أحدهما، فإن ترك مساحة ولو مترًا واحدًا أو نصفه قصدًا: فإن ذلك الشوط الذي ترك منه ذلك يفسد فيُعيده؛ للتلازم؛ حيث إن الواجب السعي بين الصفا والمروة، والذي ترك شيئًا لا يُسمَّى ساعيًا، فيلزم بطلان ذلك الشوط الذي ترك منه شيئًا.

(٣٦) مسألة: إذا بدأ بالسعي من المروة: فإنه يسقط الشوط الأول من الحساب، فيجب أن يبدأ من الصفا؛ للسنة القولية؛ حيث قال : "ابدأ بما بدأ الله به" وقرأ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ والأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، ويلزم منه: أنه لو بدأ من المروة: فإن الشوط الأول يكون فاسدًا؛ لكونه مخالفًا لما أمر الله به، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن كل شوط منفرد عن الآخر، فيكفي أن يُعيد الفاسد، دون أن يعيد الأشواط كلها؛ لما فيه من المشقة العظيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>