لقول ابن عباس يرفعه:"كان يُمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر" قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح" ولا بأس بها في طواف القدوم سرًّا (٤٤).
نواه وساق الهدي معه - أو كان مفردًا: فإنه لا يُقصِّر شعره، بل يستمر في إحرامه إلى أن يفرغ من حجه في يوم النحر، أما إن كان معتمرًا فقط: فإنه بعد فراغه من السعي يُقصِّر أو يحلق، ثم يحلُّ: سواء كان ذلك في أشهر الحج أو لا، وسواء كان قد ساق الهدي أو لا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"من كان معه هدي: فإنه لا يحل من شيء حرم عليه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليُقصِّر وليتحلَّل" فوجب هذا الفعل؛ لأن الأمر هنا مطلق، وهو يقتضي الوجوب، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث كان ﷺ إذا اعتمر فقط: حلَّ بعد سعيه مُطلقًا، فإن قلتَ: لمَ أمر المتمتع بالتقصير هنا؟ قلتُ: لأجل أن يُوفِّر شعره ليحلقه إذا فرغ من حجه.
(٤٤) مسألة: إذا استلم المتمتع والمعتمر الحجر الأسود مُريدًا الطواف لذلك: فإنه يقطع التلبية - وهو قوله:"لبيك اللهم لبيك … " -، أما القارن أو المفرد: فإنه يقطع التلبية عند البدء برمي جمرة العقبة يوم النحر؛ للسنة الفعلية وهي من وجهين: أولهما: قول ابن عباس: "كان النبي ﷺ يُمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر"، ثانيهما: أنه ﷺ كان قارنًا فلم يزل بالتلبية حتى رمى جمرة العقبة في يوم النحر والمفرد مثله؛ لعدم الفارق من باب:"مفهوم الموافقة"، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لأن التلبية إجابة إلى العبادة، وشعار للإقامة عليها، فإذا شرع فيما ينافيها وهو التحلُّل منها، أو البدء فيما يوصِّل إلى التحلل - وهو: الطواف للمعتمر، والمتمتع، ورمي الجمرة للقارن والمفرد -: فإنه يكون =