لقوله ﷺ:"كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن عُرَنة" رواه ابن ماجه (٥)(وسُنَّ أن يجمع) بعرفة من له الجمع (بين الظهر والعصر) تقديمًا (٦)(و) أن (يقف راكبًا)
مناسب؛ نظرًا لمراعاة حال الناس من التعب والمشقة، فإن قلتَ: لمَ سُمِّي هذا المكان بعرفة؟ قلتُ: لأن جبريل قد حج بإبراهيم ﵉، فلما وصل هذا المكان قال إبراهيم: عرفتُ، وهو المروي عن كثير من الصحابة والتابعين، وقيل غير ذلك.
(٥) مسألة: يُباح للحاج أن يقف بجميع ما يُطلق عليه اسم عرفة، إلا بطن عُرَنَة - وهو: واد يسيل فيه الماء - فلا يجزئ الوقوف فيه؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"قد وقفتُ هنا، وعرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عُرَنة" فأوجب الشارع ترك وادي عُرَنَة؛ لأن الأمر في قوله:"وارفعوا" مُطلق، فيقتضي الوجوب، فيلزم منه: أن الوقوف في شيء من وادي عُرَنَة لا يُجزئ؛ لأن الأمر بالشيء نهي عن ضدِّه والنهي يقتضي الفساد: فلا صحة للوقوف في المنهي عنه، فإن قلتَ: لمَ قال ﷺ ذلك وهو واقف في عرفة؟ قلتُ: لأنه رأى الناس قد اجتمعوا عليه وتزاحموا فبيَّن لهم أن الأمر فيه سعة.
(٦) مسألة: يُستحب للإمام أو نائبه ومن صلى خلفه من أهل مكة وغيرهم: أن يجمعوا الظهر والعصر جمع تقديم مع قصرهما بأذان واحد وإقامتين: بأن يؤذن بعد الزوال، ثم يقيم لصلاة الظهر فيُصليها ركعتين، ثم يُسلِّم، ثم يقيم لصلاة العصر فيُصليها ركعتين ثم يُسلِّم؛ للسنة الفعلية والتقريرية؛ حيث إنه ﷺ قد فعل ذلك، وصلى بصلاته كل من حج معه من الصحابة وأقرهم على ذلك، ولم يُرو أنه أمر أهل مكة - ممن حج معه - بالإتمام، أو نهاهم عن الجمع، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، والاستعداد للدفع إلى مزدلفة فإن قلتَ: لمَ استُحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع المشقة عن الحجاج، =