مستقبل القبلة (عند الصخرات وجبل الرحمة)؛ لقول جابر:"إن النبي ﷺ جعل بطن ناقته القصوى إلى الصَّخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة" ولا يُشرع صعود جبل الرحمة، ويُقال له:"جبل الدعاء"(ويُكثر الدعاء مما ورد) كقوله: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يُحيي ويُميت، وهو حي لا يموت بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، ويسر لي أمري" ويكثر الاستغفار، والتضرع، والخشوع، وإظهار الضعف، والافتقار، ويُلحُّ في الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة (٧)
وهو معلوم، ولأجل أن يتفرَّغوا للذكر والدعاء، فإن قلتَ: إنه ﷺ قد أمر أهل مكة بالإتمام قائلًا: "أتموا الصلاة فإنا قوم سفر" لذلك قال المصنف: "ممن له الجمع" يقصدهم؟ قلتُ: إنه ﷺ قال ذلك لأهل مكة في غزوة الفتح لما صلى بهم داخل مكة - كما صحَّت الرواية -، أما عرفة ومزدلفة ومنى فهي خارج مكة فيجوز لهم القصر والجمع فيها.
(٧) مسألة: يُستحب أن يقف بعرفة قريبًا من جبل الرحمة، ويكون أمامه وهو مُستقبل للقبلة إن استطاع، ولا يُشرع صعوده، ويمكث إلى أن تغرب الشمس، على أية حالة أراد: أي: سواء كان واقفًا، أو جالسًا، أو مضطجعًا، وسواء كان راكبًا أو لا، ويُستحب أن يُكثر وهو في هذه الحالة من الدعاء، والتكبير، والتهليل، والتحميد، وأن يكون خاشعًا متذللًا، مُتلهفًا، مُفتقرًا، مُلحًّا بالدعاء بما شاء من أمور آخرته ودنياه، ولا يجوز له أن يستبطئ الاستجابة؛ لقاعدتين؛ الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ فوعد أن يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وهو مخلص العبادة، ولا يُخلف الله وعده، وستأتيه الإجابة قطعًا ولو بعد حين، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ قد وقف بقرب هذا الجبل راكبًا ناقته، وهو مستقبل القبلة، ولم يصعده، وقد أكثر ﷺ من الدعاء في هذا المكان قال ابن عباس: "رأيت النبي ﷺ بعرفات يدعو ويداه =