ودفع) منها (قبل الغروب ولم يَعُد) إليها (قبله) أي: قبل الغروب، ويستمر بها إليه:(فعليه دم) أي: شاة؛ لأنه ترك واجبًا، فإن عاد إليها واستمر للغروب، أو عاد بعده قبل الفجر: فلا دم عليه؛ لأنه أتى بالواجب، وهو: الوقوف بالليل والنهار (٩)،
عرفة مع أنه لا يشعر بشيء؟ قلتُ: لكونه في حكم المستيقظ؛ إذ لو نُبِّه لتنبَّه، بخلاف المجنون، والمغمى عليه، والسكران، فإن قلتَ: لمَ لم يصح وقوف السكران والكافر، والمجنون، والمغمى عليه، ومن وقف بغير مكان عرفة، ومن وقف في غير زمنه؟ قلتُ: لفوات شرط صحة الوقوف الشرعي في هؤلاء الستة، فإن قلتَ: إن من وقف قبل الزوال من يوم عرفة، فلا بدَّ أن يقف بعد الزوال ولو لحظة، فإن ترك الوقوف بعد الزوال: لم يصح حجه وهو قول الجمهور؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ قد وقف قبل الزوال وبعده وقال:"خذوا عني مناسككم" قلتُ: إن لفظ السنة القولية التي ذكرناها مطلق في الأزمان - وهو قوله:"من شهد صلاتنا … " - فيُجزئ الوقوف قبل الزوال وحده، ويُجزئ الوقوف بعد الزوال وحده، والقولية أقوى من الفعلية؛ لتطرق الاحتمال إلى الفعلية فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنة الفعلية مع القولية" فعملنا بمطلق السنة القولية، لضعف السنة الفعلية هنا.
(٩) مسألة: إذا وقف في عرفة في النهار: فيجب عليه أن يقف جُزءًا من الليل، فلو خرج من عرفة قبل غروب الشمس، ولم يرجع إليها: فحجه صحيح، ويجب عليه دم وهو ذبح شاة، أما لو رجع إليها واستمر إلى الغروب، أو عاد إليها في الليل: فلا شيء عليه؛ لقاعدتين: الأولى: القياس، بيانه: كما أنه لو وقف ساعة من ليل صحَّ حجُّه، فكذلك يصح حج من وقف ساعة من نهار، والجامع: أن كلًا منهما قد وقف في زمن الوقوف، الثانية: التلازم؛ حيث إن الواجب هو الوقوف بالنهار وإدراك جزء من الليل، فيلزم من ذلك أن من ترك =