(ومن وقف ليلًا فقط: فلا) دم عليه قال في "شرح المقنع": "لا نعلم فيه خلافًا"؛ لقول النبي ﷺ:"من أدرك عرفات بليل: فقد أدرك الحج"(١٠)(ثم يدفع بعد الغروب) مع الإمام أو نائبه على طريق المأزِمَين (إلى مزدلفة) وهي: ما بين المأزمين إلى وادي "مُحسِّر"، ويُسن: كون دفعه (بسكينة)؛ لقوله ﷺ:"أيها الناس السكينة السكينة"(١١)(ويُسرع في الفجوة)؛ لقول أسامة:"كان رسول الله ﷺ يسير العنق،
الليل عليه دم؛ لكونه أخلَّ بالواجب عليه، وهذا جبر له، ويلزم عدم وجوب شيء على من عاد إليها في النهار وانتظر حتى غابت الشمس، أو عاد إليها ليلًا؛ لكونه قد أتى بالواجب عليه فبرأت ذمته.
(١٠) مسألة: إذا وقف في عرفة في ليلة العاشر من ذي الحجة - وهي ليلة العيد - ولو ساعة: صحَّ حجُّه، ولا شيء عليه؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ: "من وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار: فقد تمَّ حجه" وهذا عام فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن ذلك فيه توسعة على المسلمين كما هو معلوم.
(١١) مسألة: إذا غربت الشمس وهو في عرفة: فإنه يدفع ويتحرَّك ذاهبًا إلى مُزدلفة، ويُستحب أن يكون ذلك في حالة السكينة والهدوء والدعاء والذكر؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ قد فعل ذلك وكان يُشير إلى الناس قائلًا: "أيها الناس السكينة السكينة" أي: عليكم بالسكينة والهدوء، فإن قلتَ: لمَ يدفع بعد غروب الشمس؟ قلتُ: لمخالفة الكفار، حيث إنهم يدفعون قبل غروبها، فائدة: طريق "المأزِمَين" يؤدِّي إلى مُزدلفة بصورة سريعة، وهو مخالف لطريق "ضب" الذي دخل منه إلى عرفة، وهذا العمل يُحقِّق دخول عرفة من طريق، والخروج منها عن طريق آخر كصلاة العيد، فإن قلتَ: لمَ استحب أن يمشوا بهدوء وسكينة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع أذى التزاحم عن الناس، فإن قلتَ: لمَ استحب الدعاء والذكر في حالة الدفع؟ قلتُ: لأنه من أوقات الاستجابة.