قدم النبي ﷺ في ضَعَفَة أهله من مُزدلفة إلى منى" متفق عليه (و) الدفع (قبله) أي: قبل نصف الليل (فيه دم)(١٥)، على غير سقاة ورعاة (١٦)، سواء كان عالمًا بالحكم،
(١٥) مسألة: يجب على الحاج أن يبيت في مُزدلفة إلى ما قبل صلاة الفجر - وهو: ثلثا الليل -، وهو قول المحققين من العلماء؛ للسنة القولية؛ حيث قال ابن عباس: "كنتُ فيمن قدم النبي ﷺ في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى" "وقد رخَّص لأم سلمة ﵂ ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر" وهذا يدل بمفهوم الصفة على أنه يجب على الأقوياء أن يبيتوا ليلة مزدلفة فيها إلى أن يذهب ثلثا تلك الليلة - أي: حتى يغيب القمر - ومن لم يفعل ذلك من الأقوياء فعليه دم، وهو ذبح شاة؛ نظرًا لتركه واجبًا قد فعله ﷺ، وقال "خذوا عني مناسككم"، وإذا بات ثلثي الليل يوصف بأنه بات ليلة، فإن قلتَ: يبيت إلى ما بعد نصف الليل فقط، وله بعد ذلك الذهاب منها، وإن تركها قبل نصف الليل: صحَّ حجه وعليه دم، وهو ذبح شاة وهو الذي ذكره المصنف هنا؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ قد بات فيها إلى هذا الوقت، وقال: "خذوا عني مناسككم" قلتُ: إن هذا لا يدل على ما ذهبتم إليه؛ لكون البيات لا يطلق ولا يوصف به إلا من بات كامل الليل، أو أكثره، وهو ثلثاه وهو الذي ذكرناه، فإن قلتَ: ما الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف فيما يُطلق عليه البيات" فعندنا: يُطلق على من بات كل الليل أو أكثره وهو ثلثاه، وعندهم يطلق على من بات أكثر من نصفه بقليل.
(١٦) مسألة: يُباح لمن يخدم الحجاج وهو محرم كالسقاة، والرعاة، ورجال الأمن والصحة: أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى قبل منتصف الليل، ولا شيء عليهم؛ للسنة القولية؛ حيث "رخَّص النبي ﷺ للسقاة في ذلك" والرعاة، ورجال الأمن والصحة مثلهم في خدمة الحجاج؛ لعدم الفارق؛ من باب "مفهوم الموافقة" وهذا كله لدفع المفسدة عن الأمة.