للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يُسفر)؛ لأنه في حديث جابر: أن النبي لم يزل واقفًا عند المشعر الحرام حتى أسفر جدًا، فإذا أسفر: سار قبل طلوع الشمس بسكينة (٢٠)، (فإذا بلغ مُحسِّرًا) - وهو: واد بين مُزدلفة ومنى، سُمِّي بذلك، لأنه يحسر سالكه -: (أسرع) قدر (رمية حجر) إن كان ماشيًا، وإلا: حرَّك دابته: "لأنه لما أتى بطن مُحسِّر: حرَّك قليلًا"

(٢٠) مسألة: يُستحب أن يمكث في مُزدلفة حتى يصلي الفجر من اليوم العاشر -، ثم يأتي المشعر الحرام - وهو: جبل صغير يقع في مُزدلفة بُني عليه المسجد الموجود الآن - فيقف عنده: فيحمد الله، ويُثني عليه بما هو أهله، ويشكره على ما هداه، ويُكبِّره ويُعظمه، ويستغفره، ويتوب إليه، ويقرأ قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ثم يدعو بما شاء حتى يُسفر، ثم يسير قبل طلوع الشمس على هيئة السكينة والهدوء متوجهًا إلى منى؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه قد فعل ذلك، فإن قلتَ: لمَ استُحبَّ ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك من أوقات الاستجابة فإن قلتَ: لمَ سُمِّي هذا الجبل بالمشعر الحرام؟ قلتُ: لكونه من علامات الحج؛ حيث إنه داخل في حدود الحرم، بخلاف عرفة فإنها مشعر ومنسك، لكنها مشعر حلال، فإن قلتَ: لمَ سُمِّي الدفع بالإفاضة؟ قلتُ: لأنه دفع بكثرة، ومنه قولهم: "أفاض الماء" أي: دفعه وصبَّه بكثرة، فإن قلتَ: لمَ استحب قراءة الآيتين؟ قلتُ: لمناسبتهما للمقام؛ إذ تُذكِّران المسلم بأوامر الله تعالى، كما أنه من المناسب للساعي بين الصفا والمروة أن يقرأ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، فإن قلتَ: لِمَ يُستحب أن يسير إلى منى قبل طلوع الشمس قلتُ: لمخالفة المشركين؛ حيث إنهم يفيضون من مُزدلفة بعد طلوع الشمس، ومخالفتهم مقصد شرعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>