للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأول وقته) أي: وقت طواف الزيارة (بعد نصف ليلة النحر) لمن وقف قبل ذلك بعرفات، وإلا: فبعد الوقوف، (٤٨) (ويُسنُّ) فعله (في يومه)؛ لقول ابن عمر :

يرمل في هذا الطواف، مع انه يرمل في طواف القدوم؟ قلتُ: لأن الرسول وأصحابه قد رملوا في طواف القدوم لإثبات أنهم على خلاف ما زعمه كفار قريش وهو: "أن محمدًا وأصحابه قد أنهكتهم حُمَّى المدينة" أما طواف الإفاضة والزيارة فلم يأتوا من المدينة، بل أتوا من منى، فالغرض الذي شُرع الرَّمل لأجله لم يوجد ممن أتى من منى فإن قلتَ: يجب على المتمتع والقارن والمفرد أن يرملوا: فإن لم يكونوا قد طافوا بالبيت طواف القدوم ورملوا فيه من قبل: فإن الواجب على من أتى من منى أن يطوف أولًا طواف القدوم فيرمل فيه، ثم يطوف طواف الإفاضة والزيارة ولا يرمل فيه، وهو ما نصَّ عليه أحمد، وأيَّده بعض الحنابلة قلتُ: هذا بعيد؛ لأمور: أولها: عدم الدليل القوي عليه، وعدم الدليل دليل على عدم الحكم، ثانيها: أنه لم يذكر أحد من الرواة والمحدِّثين أنه فعله، أو أمر أحدًا من أصحابه أن يفعله، ثالثها: أنه لم يثبت عن واحد من أصحاب رسول الله أنه لما رجع من عرفة طاف للقدوم ورمل، ثم طاف للإفاضة والزيارة ولم يرمل، ذكر هذا الأخير ابن القيم، تنبيه: قوله: "كمن دخل المسجدَ" يُشير به إلى الاستدلال بالقياس قلتُ: لا يصح ذلك القياس؛ لعدم الجامع.

(٤٨) مسألة: يبدأ وقت طواف الإفاضة وهو الزيارة -من بعد مضي ثلُثَي ليلة يوم النحر -وهي ليلة مزدلفة- للأقوياء، ويبدأ للضعفاء من بعد نصف ليلة يوم النحر -وهي ليلة مُزدلفة- هذا لمن كان قد وقف بعرفة قبل ذلك، أما من لم يقف بها: فإن طوافه للإفاضة يبدأ بعد وقوفه بها؛ لقاعدتين: الأولى: السنة التقريرية؛ حيث "إن أم سلمة دفعت من مُزدلفة ورمت جمرة العقبة، وذهبت للمسجد الحرام فطافت بالبيت، ثم رجعت فالتقت بالنبي ، وهو يرمي الجمرة في صباح يوم النحر، ولم يُنكر عليها ذلك" وهذا يلزم منه =

<<  <  ج: ص:  >  >>