للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإذا أراد الخروج من مكة) بعد عودته إليها (لم يخرج حتى يطوف للوداع) إذا فرغ من جميع أموره؛ لقول ابن عباس: "أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خَفِّف عن المرأة الحائض" متفق عليه، ويُسمَّى طواف "الصَّدَر" (٦٧) (فإن أقام) بعد طواف الوداع (أو اتجر بعده: أعاده) إذا عزم على الخروج وفرغ من جميع أموره؛

قد فعل ذلك، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن أكثر الصحابة قد فعلوا ذلك، فإن قلتَ: لمَ استُحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تزوُّد من الخيرات، وتكثير من الطاعات وهم قدوة في ذلك.

(٦٧) مسألة: إذا فرغ من رمي الجمار -على ما سبق وصفه- فإنه يتوجَّه إلى مكة ويُقيم فيها ما شاء، فإذا أراد الخروج منها: وجب عليه أن يطوف بالبيت طواف الوداع بعد أن يفرغ من جميع أموره وتعلُّقاته، ويسقط ذلك عن الحائض والنفساء؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ابن عباس: "أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض" والآمر هنا هو النبي ؛ لأن هذا هو المفهوم من عبارة الصحابي، والأمر هنا مُطلق، فيقتضي الوجوب، ونفى الوجوب عن الحائض؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي، و"النفساء" مثل "الحائض"؛ لعدم الفارق؛ نظرًا لخروج الدم منهما، فيكون من باب "مفهوم الموافقة"، أو من باب "القياس في الرخص" الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه قد ارتحل من الأبطح فمرَّ بالبيت فطاف به، ثم سار مُتوجِّهًا إلى المدينة من أسفل مكة من ثنية "كُدَي" فإن قلتَ: لمَ وجب طواف الوداع؟ قلتُ: ليكون آخر عهده بالبيت كما ورد، كما يفعل الزائر لعزيز إذا غادره فائدة: سُمِّي طواف الوداع بطواف الصَّدَر -بفتح الراء- لأن الصَّدَر من كل شيء: الرجوع، والانصراف عن الورد وعن كل أمر، وهو يعني: صدور الناس من حجهم - كما جاء في اللسان (٤/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>