للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النحر، أو عرفة، ويُكره الإكثار والموالاة بينها باتفاق السلف قاله في "المبدع"، (٨٠)

إلى مكة فيطوف بالبيت ثم يسعى، ثم يحلق شعره، أو يُقصِّره كما سبق تفصيله؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث إنه قد أمر عائشة أن تخرج إلى التنعيم حينما أرادت أن تعتمر والأمر مطلق فيقتضي الوجوب، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه قد فعل تلك الصفة في عُمَره. [فرع]: إذا أحرم من الحرم للعمرة، ولم يخرج إلى الحل: فإنه ينعقد إحرامه، ويصح وتصح عمرته، لكن يجب عليه دم، وهو ذبح شاة، تقسَّم على فقراء مكة؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه لو أحرم بالحج أو العمرة بعد أن جاوز الميقات: فعليه دم، فكذلك إذا أحرم بالحرم للعمرة فعليه ذلك، والجامع: أن كلًا منهما ترك واجبًا -وهو: الإحرام من الميقات- فإن قلتَ: لمَ صحَّت العمرة مع أنه لم يُحرم من الميقات؟ قلتُ: لأن أركان العمرة -وهي: نية الإحرام والطواف، والسعي- قد توفَّرت، فيلزم من ذلك صحَّتها، وترك الواجب يُجبر بدم فإن قلتَ: لمَ وجب جبرانه بذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك يُكمِّل ما نقص من عمرته.

(٨٠) مسألة: يُباح أن يعتمر المسلم في جميع أوقات السنة، ويُكررها ويوالي بينها، ولا فرق بين أوقات الحج وغيرها في ذلك، فتجوز حتى في يوم النحر، أو يوم عرفة لمن لم يكن مُلبِّيًا بحج؛ للسنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: أنه قد أمر بها وحثَّ عليها، دون تقييد ذلك بزمن معين، ومن ذلك قوله: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما" وهذا يلزم منه جواز تكرارها والموالاة بينها، ثانيهما: أنه قد أمر عائشة بأن تعتمر وتحرم بها من التنعيم في أيام الحج، فإن قلتَ: لمَ أُبيح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن تقييدها بوقتٍ مُعيَّن فيه مشقة وضيق يلحق بعض الناس، فدفعًا لذلك: أُطلقت في الأزمان، فإن قلتَ: إن الإكثار منها والموالاة بينها مكروه، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للسنة الفعلية: حيث إنه كان يعتمر كل سنة بعمرة واحدة، ولم يُكرِّر =

<<  <  ج: ص:  >  >>