له إلا مع إذن، أو رهن محرز، أو كفيل مليء، (٨)(ويتفقَّد الإمام) وجوبًا (جيشه عند المسير ويمنع) من لا يصلح لحرب من رجال وخيل كـ: (المخذِّل) الذي يُفنِّد الناس عن القتال، ويُزهدهم فيه و (المرجف) كالذي يقول: هلكت سرية المسلمين، ومالهم مَدَد، أو طاقة، وكذا: من يُكاتب بأخبارنا، أو يرمي بيننا بفتن، (٩) ويُعرِّف
الخاصة وهذه المصلحة هي التي خصَّصت الحديث السابق فجعلته خاصًا بالجهاد المستحب، فإن قلتَ: لمَ اشتُرط في الأبوين كونهما مسلمين حرين عدلين؟ قلتُ: لأن الكافِرَين لن يأذنا في حرب ضد الكفار، والعبدَين تبع لسيدهما فلا رأي لهما، والفاسقين لا يهمَّهما نصرة الإسلام.
(٨) مسألة: لا يجوز للمسلم أن يُجاهد تطوعًا إذا كان مدينًا لشخص آخر إلا بعد أن يأذن له هذا الآخر، أو يرهن شيئًا يفي بذلك الدَّين، أو يكفله مليء بأنه إن لم يرجع هو الذي يُسدِّد دينه؛ للسنة القولية؛ حيث قال رجل للنبي ﷺ: أيُكفِّر الله عني خطاياي إن مُتُّ صابرًا مُحتسبًا في سبيل الله؟ قال له:"نعم إلا الدَّين" حيث بيَّن أن الجهاد -وإن كان أعظم الطاعات- إلا أنه لا يُكفِّر الدَّين؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي فالمدين لا بدَّ أن يفي بدينه قبل خروجه للجهاد التطوعي، أو يأذن الدائن، أو يكفله مليء أو يرهن شيئًا يفي بدينه، فإن قلتَ: لمَ قيِّد ذلك بالجهاد تطوعًا؟ قلتُ: لأن الجهاد الفرض يجوز أن يخرج إليه المسلم ولو كان عليه دين، ولو لم يأذن الدائن؛ وللمصلحة؛ حيث إن الجهاد الواجب مقدَّم على قضاء الديون وإن كان واجبًا؛ لأن مصلحة الجهاد عامة فيقدم لذلك كما قلنا في تقديم الجهاد الواجب على برِّ الوالدين -وقد سبق في مسألة (٧).
(٩) مسألة: يجب على الإمام أو نائبه: أن يتفقَّد جيش المسلمين قبل خروجه إلى القتال فإن وجد شخصًا قد اقتضت المصلحة عدم خروجه: أبعده عن الجيش كالشخص المخذِّل للجنود المضعف لحماسهم وعزيمتهم بعبارات كقوله: "إن =