رجل جاء منهم مُسلمًا؛ للحاجة، وأمره سِرًّا بقتالهم والفرار منهم، (٤٧) ولو هرب قنٌّ فأسلم: لم يُردُّ وهو حر (٤٨)، ويؤخذون بجنايتهم على مسلم من مال، وقَوَد، وحدٍّ، (٤٩) ويجوز قتل رهائنهم إن قتلوا
(٤٧) مسألة: إذا اشترط الكفار - في عقد الهدنة -: أن يرد المسلمون رجلًا جاء من الكفار مسلمًا أو مستأمنًا إليهم: فإن هذا يجوز، ويجوز للمسلمين أن يأمروا هذا الرجل الذي جاء مسلمًا من الكفار بأن يهرب منهم، وأن يفعل أيَّ شيء فيه نقص عليهم، لكن لا يرجع إلى المسلمين للسنة الفعلية؛ حيث إن الكفار قد شرطوا ذلك في صلح الحديبية ووفَّى ﷺ لهم بذلك، فلما جاء أبو جندل، وأبو بصير ردَّهما رسول الله ﷺ إلى الكفار، وأمرهما بأن يفعلا بالمشركين ما شاءا من المكائد، فإن قلتَ: لمَ جاز ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المسلمين في حال ضعفهم يجوز لهم أن يقبلوا كل شيء إلا الضرورات الخمس وهي: حفظ الدين، والعرض، والعقل، والنسل، والنفس؛ وذلك للحاجة.
(٤٨) مسألة: إذا هرب عبد رقيق من كافر، ودخل في دار الإسلام، ثم أسلم: فإنه يكون حُرًّا ولا يُردُّ إليهم؛ للتلازم؛ حيث إن عقد الهدنة يقع عرفًا على الأحرار، والعبيد يتبعون أسيادهم، فإذا أسلم وجاء إلى ديار الإسلام فإنه يكون حُرًّا حكمًا فيلزم من ذلك: عدم ردِّه؛ لأن الشخص يملك نفسه إذا أسلم.
(٤٩) مسألة: يجب أن تقام على الكفار - الذين يقع بيننا وبينهم عقد هدنة وأمان - جميع العقوبات والحدود التي تلزم من جناياتهم على المسلمين، فإذا سرق المعاهد وتوفَّرت شروط السرقة: تقطع يده وهكذا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عقد الهدنة: أن يكون الكفار كالمسلمين في الأمن على أنفسهم بأن يكونوا لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وهذا يلزم منه إقامة جميع العقوبات عليهم، وقد فصَّلتُ ذلك =