للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معلومة، ولو طالت بقدر الحاجة، وهي لازمة يجوز عقدها؛ لمصلحة؛ حيث جاز تأخير الجهاد؛ لنحو ضعف بالمسلمين ولو بمال منَّا ضرورة، (٤٦) ويجوز شرط ردِّ

حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ فأوجب الشارع ذلك؛ لأن الأمر مُطلق، فيقتضي الوجوب، فإن قلتَ: لمَ وجب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دعوة إلى الله تعالى والدعوة إلى الله واجبة إذا تيسرت.

(٤٦) مسألة: يجوز عقد الهدنة بين المسلمين والكفار عقد لازم - وهو: أن يعقد الإمام أو نائبه عقدًا يتضمَّن ترك القتال الكفار، وهو مُدَّة معلومة - وتُسمَّى مهادنة، وموادعة، ومعاهدة وصلح، ويجوز ذلك بغير مال، ويجوز بمال يدفعه الكفار للمسلمين، وبمال يدفعه المسلمون للكفار؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ وقال: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ وهذا يلزم منه جواز الهدنة مُطلقًا، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه قد عقد هُدنة وصُلحًا مع كفار قريش في الحديبية بدون مال، الثالثة: القياس، بيانه: كما يجوز للأسير المسلم فداء نفسه بمال يُدفع للكفار، فكذا يجوز أن يدفع المسلمون مالًا للكفار من أجل الهدنة والصلح العام، والجامع: الدفاع عن المسلمين: أفرادًا وجماعات في كل، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلت: للمصلحة؛؛ حيث إن ذلك فيه دفع مضرة عن المسلمين، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، فإن قلتَ: إن دفع المسلمين المال للكفار لا يجوز، وهو قول الشافعي وأحمد وبعض الفقهاء؛ للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه مفسدة على المسلمين وهي: صغار وإذلال للمسلمين قلتُ: إن المسلمين لا يدفعون هنا مالًا إلا عند الضرورة، وهي أن يخشوا من قيام الكفار، بسبيهم، أو قتلهم قتلًا عامًا، أو يعتدوا على أعراضهم، فيكون هذا المال يدفع لحفظ دينهم، وعرضهم، وأنفسهم، وهذا أعظم المصالح، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحتين" كما هو واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>