عقد مُؤبَّد، فلا يفتات على الإمام فيه، ويجب إذا اجتمعت شروطه (٤)(ولا جزية)
حيث قال تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ فأوجب قتال جميع الكفار؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، ودلَّ مفهوم الغاية على أنهم إذا أعطوا الجزية عن ذل وصغار لا يُقاتلون، وهذا عام لجميع الأصناف الأربعة: فاليهود والنصارى يدخلون في هذا العموم بوضوح، وكذا: المجوس؛ إذ كان لهم كتاب فرُفع، وغيرهم من أتباعهم كذلك؛ لأنهم عملوا بتلك الكتب الثلاثة، حيث إن "الذين" الموصولة، و "واو الجمع" في قوله: "أوتوا" من صيغ العموم المتفق عليها، الثانية: السنة الفعلية والقولية؛ حيث إنه ﷺ قد أخذ الجزية من المجوس وقال:"سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، فإن قلتَ: لمَ صحَّ عقد الذمة مع هذه الأصناف فقط دون غيرهم؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هؤلاء يؤمنون بالله، ويعتقدون توحيده، وأنَّه خالق كل شيء، لكنهم لا يؤمنون برسالة محمد ﷺ، وبهذا نأمنهم على أنفسنا، أما غير تلك الأصناف الأربعة: كعبدة الأوثان، والنيران، والشمس، وأهل الإلحاد: فليسوا مثل من سبق في الإيمان بالله، ولذلك لا يُقبل منهم إلا الإسلام أو القتل؛ حتى نأمن على أنفسنا منهم.
(٤) مسألة: لا يتولّى عقد الذمة مع الكفار إلا إمام المسلمين أو نائبه، فلا يصح من آحاد المسلمين؛ للتلازم؛ حيث إن عقد الذمة مُؤيَّد فيلزم من كونه كذلك: أن لا يفوت الإمام الاطلاع على تفاصيله والنظر فيه، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الإمام الأعظم أو نائبه يعرف الكفار بشكل مُفصَّل، ويعرف الصالح من الطالح منهم عن طريق جواسيسه وعيونه، فيكون تولِّيه لعقد الذمة أنفع للإسلام والمسلمين، تنبيه: قوله: "ويجب إذا اجتمعت =