من الجزية:(وجب قبوله) منهم (وحرم قتالهم) وأخذ مالهم، ووجب دفع من قصدهم بأذى ما لم يكونوا بدار حرب، (٨) ومن أسلم بعد الحول: سقطت عنه (٩)(ويمتهنون عند أخذها) أي: أخذ الجزية (ويُطال وقوفهم، وتُجرُّ أيديهم) وجوبًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ ولا يُقبل إرسالها (١٠) فصل: في أحكام أهل الذمة
الجزية عن تلك المدَّة بحسابها؛ نظرًا لكون هذا هو الواجب، وهو الذي يُحقق العدالة والإنصاف الذي جاء به الإسلام، وهو المقصد منه.
(٨) مسألة إذا دفع أهل الذمة الجزية بأوصافها وشروطها، ووقتها: فيجب على الإمام أو نائبه قبولها، ولا يجوز ردُّها، ولا يجوز مسُّهم بأي أذى: كقتلهم أو أخذ مالهم أو استرقاقهم، أو الاعتداء على أعراضهم أو نحو ذلك، ويجب أيضًا أن يحميهم من أي أذى، إذا كانوا بدار الإسلام، أما إن كانوا بدار الحرب: فلا يجب ذلك؛ للسنة القولية؛ حيث كان ﷺ يقول:"ادعهم إلى دفع الجزية، فإن هم أجابوك لذلك فاقبل منهم وكفَّ عنهم" فأوجب الشارع كفَّ عنهم كل ما يُؤذيهم؛ لأن الأمر مُطلق فيقتضي الوجوب، والكف مطلق، فيشمل كل ما ذكرناه، وهذا من حقهم علينا.
(٩) مسألة: إذا وجبت الجزية على فرد منهم، وحان، دفعها، ولكنه أسلم: فإن تلك الجزية تسقط عنه؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"من أسلم على شيء فهو له" فمنطوقه قد دلَّ على أن الكافر إذا أسلم وعنده شيء من حقوق الله تعالى لم يدفعه: فإنه يسقط عنه ومفهوم الشرط قد دل على استمراره على دفع الجزية إذا لم يسلم فإن قلتَ: لمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تحبيب للإسلام، والدعوة إليه.
(١٠) مسألة: لا تؤخذ الجزية من ذمي إلا وهو قائم والمسلم الآخذ يكون جالسًا، وأن يُوقف الكافر عند دفعها، وأن تُجرُّ يده، وهذا ينبغي أن يحصل بدون إيقاع =