(ويلزم الإمام أخذهم) أي أخذ أهل الذمة (بحكم الإسلام في) ضمان (النفس، والمال، والعرض، وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه) كالزنا (دون ما يعتقدون حلَّه) كالخمر؛ لأن عقد الذمة لا يصح إلا بالتزام أحكام الإسلام - كما تقدم - وروى ابن عمر ﵃: أن النبي ﷺ أُتيَ بيهوديين قد فجرا بعد إحصانهما: فرجمهما (١١)(ويلزمهم التميُّز عن المسلمين) بالقبور: بأن لا يُدفنوا في مقابرنا،
تعذيب لهم، أو يُشق عليهم بطريقة يكرهون الإسلام بسببها، ولا تُقبل منهم بواسطة، بل لا بدَّ أن يدفع كل واحد الجزية بنفسه؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ وهذه الأفعال التي عليها الكافر عند دفع الجزية يُحقق الصغار والذل له، ويُحقق عزَّة الإسلام، لكن بدون تعذيب لهم؛ لئلا يكرهون الإسلام.
(١١) مسألة: يجب على الإمام أو نائبه أن يُعامل الذمي معاملة المسلم في ضمان النفس، والمال، والعرض، وجميع المعاملات، والحدود، والجنايات فيما يعتقدون تحريمه في دينهم، فإذا قتل أو سرق، أو زنا، أو قذف: أقيمت عليهم الحدود، وإذا أتلف شيئًا: وجب ضمان ما أتلفه، وإن فعل معصية لا حد فيها كالغيبة والنميمة ونحوهما: عُزِّر كالمسلم تمامًا، أما إذا فعلوا شيئًا لا يعتقدون تحريمه كشرب الخمر: فلا يُقام عليهم حدُّه، لكن يُمنعون من إظهاره، أما العبادات: كالصلاة والزكاة، والصوم، والحج: فلا يُطالبون بها؛ لقواعد؛ الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ رجم يهوديين قد زنيا وهما محصنان، ورضَّ رأس يهودي كان قد رضَّ رأس جارية بين حجرين حتى ماتت؛ الثانية: المصلحة؛ حيث إن إقامة تلك الحدود والعقوبات عليهم فيه محافظة على حقوق المسلمين، الثالثة: التلازم؛ حيث يلزم من عقد الذمة: أن يُقروا على كفرهم فيما يعتقدون حله.