للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ريالات على عمرو فيقول بكر لعمرو - في وقت خيار المجلس أو الشرط بين زيد وعمرو -: "أنا أبيعك مثله بتسعة" ويحرم أيضًا شراؤه على شرائه مثل: أن يبيع زيد ثوبًا على عمرو بتسعة، فيقول بكر - في وقت الخيارين -: "كيف تبيعه بهذا الثمن؟ فأنا لا أبيع مثله إلّا بعشرة"، وبكر يقصد من هذا: أن يفسخ عمرو عقد البيع مع زيد، ويتركه ويعقد معه - أعني بكر - فهذا هو المحرم، ولو وقع عقد مع بكر في هاتين الصورتين: فلا صحّة لهذا العقد، ويحرم أيضًا: السوم على السوم بعد رضا البائع والسائم: كأن يقول عمرو لزيد: "أنا أشتري هذا الثوب منك بعشرة" فقبل زيد، بعد ذلك قال بكر: "أنا أشتريه باثني عشر"، ولكن لو باع زيد على بكر ذلك الثوب باثني عشر: فإنه يصح، مع إثم بكر، وهذا الكلام يصح في الإجارة ونحوها من العقود؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "لا يبع بعضكم على بيع بعض" فحرم البيع على البيع، ويلزم منه: تحريم الشراء على الشراء، ويفسد العقد إن وقع البيع؛ لأن النهي هنا مطلق، فيقتضي التحريم والفساد، الثانية: المصلحة؛ حيث إن تلك التصرُّفات - وهي البيع على البيع، والشراء على الشراء، والسوم على السوم وسائر العقود - تؤدِّي إلى العداوة والبغضاء بين المتعاملين بذلك، مما يُفضي إلى الفتن والتقاطع بين الناس، فشرع دفع ذلك، ودفع مفاسد تلك المعاملات مُقدَّم على جلب مصالحها، فإن قلتَ: لِمَ صحّ العقد في مسألة السوم على السوم مع التحريم؟ قلتُ: لأن المنهي عنه في الحديث السابق هو البيع على البيع، ويستلزم ذلك الشراء على الشراء، والسوم أُلحق بهما في التحريم لاقتضاء المصلحة لذلك كما سبق بيانه، وهذا لا يؤدي إلى إبطال العقد، فرع: المراد بالسوم هنا هو: الزيادة في الثمن بعد رضا البائع ولكن قبل العقد، وليس المراد ما يُقال في السوق عادة عند تعريض سلعة للبيع - "مَنْ يزيد؟ " فإن هذا يجوز؛ للإجماع؛ حيث إن المسلمين يفعلون ذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>