كحائط، أو ناما: لم يُعدُّ تفرُّقًا؛ لبقائهما بأبدانهما بمحل العقد، ولو طالت المدَّة (٧)
من مكان التبايع على حسب عرف وعادة الناس فيما يسمُّونه تفرُّقًا: فإن كان المتعاقدان في صحراء فيحصل التفرّق بأن يمشي أحدهما بقدر لا يسمع كلام الآخر، وهذا يكون بخطوات كثيرة، وإن كانا في دار كبيرة: فإن التفرّق يحصل إذا خرج أحدهما من غرفة التبايع تاركًا صاحبه ودخل في غرفة أخرى، وإن كانا في دار صغيرة: فإن التفرق يحصل إذا صعد أحدهما سطحها، تاركًا صاحبه في الأسفل مكان التبايع، أو نزل أحدهما تاركًا السطح مكان التبايع، وإن كانا في سفينة كبيرة: فإن التفرّق يحصل إذا صعد أحدهما أعلاها تاركًا صاحبه أسفلها، وإن كانا في سفينة صغيرة: فإن التفرّق يحصل إذا خرج أحدهما منها، وهكذا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"البيعان بالخيار ما لم يتفرَّقا" حيث دلَّ مفهوم الشرط على أنهما إذا تفرقا: فلا خيار، وخُصِّص التفرق هنا بالتفرّق بالأبدان بقول الصحابي؛ حيث إن ابن عمر كان يفعل ذلك. الثانية: العرف والعادة، حيث إن ما أورده الشارع مُطلقًا بدون تحديد، يُرجع إلى عادة الناس في تحديده، وعقلاء الناس السليمة المتوسطة وورد عنها هذا التحديد الذي مثَّلنا عليه في المسألة وعدُّوه تفرقًا ينفي الخيار.
(٧) مسألة: لا يحصل التفرّق بين المتعاقدين بوضع حائط يحجز بينهما، أو أن يناما معًا، أو أرخيا بينهما سترًا في نفس مكان التبايع، وكذا: لو قاما معًا ومشيا أو سافرا معًا ولم يتفرّقا: فإن الخيار باق وإن طال الزمن سواء أقاما طوعًا أو كرهًا، وكذا لو تفرقا فزعًا من حيوان، أو عدو ونحو ذلك: لا يُعتبر تفرقًا؛ للسنة القولية: حيث قال ﵇: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" حيث أثبت الخيار إذا لم يفترقا، وهذه الصور التي ذكرناها لا تعتبر تفرقًا في عرف عقلاء الناس المتوسطين في عقولهم، فيبقى الخيار، فإن قلتَ: لِمَ لا يحصل التفرق بذلك؟ قلتُ: لكون تلك الصور وما شابهها يمكن لهما أن يتفاهما من خلالها؛ نظرًا =