للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإن نفياه) أي: الخيار: بأن تبايعا على أن لا خيار بينهما: لزم بمجرَّد العقد (أو أسقطاه) أي: الخيار بعد العقد: (سقط)؛ لأن الخيار حق للعاقد، فسقط بإسقاطه (وإن أسقطه أحدهما) أي: أحد المتبايعين، أو قال لصاحبه: "اختر": سقط خياره و (بقي خيار الآخر)؛ لأنه لم يحصل منه إسقاط لخياره، بخلاف صاحبه (٨)، وتحرم الفرقة خشية الفسخ (٩)،

لوجودهما معًا والمكره وعلى التفرق لا يعتبر تفرقًا.

(٨) مسألة: إذا اتفق المتعاقدان على أنه لا خيار بينهما: فإن خيار المجلس يسقط، ويلزم العقد بعده مباشرة، وكذا: إن أسقط المتعاقدان الخيار بعد مُضي مدة قصيرة وهما في المجلس، فإنه يسقط، ويلزم البيع من إسقاطهما له، وكذا: إن أسقطه أحدهما: فيسقط خياره فقط بأن قال لصاحبه: "اختر أنت" ويبقى خيار الآخر على حاله؛ للتلازم؛ حيث إن الخيار من حق المتبايعين ما داما في المجلس فيلزم من إسقاطه لحقه: سقوط الخيار كمن أسقط حقه من الشفعة أو الدَّين.

(٩) مسألة: يحرم أن يُفارق أحد المتبايعين مكان التبايع ومجلسه وهو يقصد إلزام البيع للآخر، ويخشى أن يفسخه الآخر، للسنة القولية: حيث قال : "لا يحلُّ له أن يُفارقه؛ خشية أن يستقيله"، والمراد: خشية الإقالة، وهي: فسخ النادم، ولفظ "لا يحل" من صيغ التحريم الصريحة، فإن قلتَ: لِمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه اعتداء من بعض الناس على حقوق الآخرين بغير حق؛ لأن الخيار من حق العاقد، فلا بدَّ أن يستوفي كل حقه، فإن قلتَ: إن هذا لا يحرم وهو قول بعض العلماء منهم أبو يعلى، لفعل الصحابي؛ حيث كان ابن عمر يفعل ذلك، قلتُ: يُحتمل أن السنة القولية التي ذكرناها لم تبلغ ابن عمر، وعلى فرض أنها بلغته فلا حجّة لفعل صحابي إذا عارض السنة ويحتمل أنه لم يقصد إلزام البيع، وإذا تطرق الإحتمال إلى الدليل بطل به الإستدلال فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنة مع فعل الصحابي". =

<<  <  ج: ص:  >  >>