للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العادة)؛ لأنه لم يرد الشرع بتحديده، فرجع فيه إلى العرف (٣١)، وله ثلاث صور:

يُطالب به قبل موته، أما إن طالب به قبل موته: فإن الخيار يورث، أما خيار الحي منهما: فهو باق على حاله؛ لقاعدتين: الأولى: التلازم؛ حيث إنه يلزم من لفظ "الخيار" تخيير بين إمضاء وفسخ، وهذه صفة ذاتية تخص الشخص نفسه كعلمه وقدرته، وهذا لا يورث فيلزم من ذلك: أن لا يورث الخيار، الثانية: القياس بيانه: كما أن الشفعة وحد القذف لا تورث عن شخص إلّا إذا طالب بهما قبل موته فكذلك الخيار ليس من حق الورثة إلا إذا كان مُورِّثهم قد طالب به قبل موته، والجامع: أن كلًّا منها حق يُورث إذا علمت مطالبة المورِّث بها، فإن قلتَ: لِمَ لا يُورث حق الخيار كغيره من الحقوق؟ قلتُ: لعدم علمنا بنية الميت هل كان يريد الفسخ، أو يريد الإمضاء، ولاختلاف الورثة عادة في ذلك.

(٣١) مسألة: في الثالث - من أقسام الخيار - وهو خيار الغبن، وهو: الخدعة في البيع: بأن يبيع سلعته بثمن أقل مما تستحق، أو يشتري سلعة بأكثر مما تستحق: فمثلًا: لو باع زيد ثوبًا بستة ريالات، وهو في الحقيقة يساوي عشرة، أو اشترى ثوبًا بعشرة وهو لا يساوي إلّا خمسة، وقال أهل الخبرة بالثياب: إن البائع أو المشتري مغبون في ذلك غبنًا يخرج عن العادة في ذلك: فإن لهما الخيار وردُّ المبيع، وأخذ الثمن، أو الإمضاء في البيع؛ القاعدتين: الأولى: السنة القولية وهي من وجهين: أولهما: قوله : "لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفس منه" والمغبون والمغلوب في البيعة لم تطب نفسه فيشمله عموم هذا النص؛ لأن "مال" نكرة في سياق نفي وهو من صيغ العموم، فلا يحل، فاستحق الخيار لذلك؛ لأن النفي هنا نهي، وهو مُطلق فيقتضي التحريم والفساد ثانيهما: قوله : "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" وهذا عام، فيشمل ما نحن فيه؛ لأن "ضرر وضرار" نكرة في سياق نفي، وهو من صيغ العموم، وذلك لأن بيع السلعة بثمن أقل مما تستحق ضرر على البائع، وشراءها بثمن أكثر مما تستحق =

<<  <  ج: ص:  >  >>