إحداها: تلقِّي الركبان؛ لقوله ﷺ:"لا تلقَّوا الجلب، فمن تلقَّاه فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق: فهو بالخيار" رواه مسلم (و) الثانية المشار إليها بقوله: (بزيادة الناجش) الذي لا يُريد شراء، ولو بلا مواطأة، ومنه:"أعطيتُ كذا" وهو كاذب؛ لتغريره بالمشتري، الثالثة: ذكرها بقوله: (والمسترسل) وهو من جهل القيمة، ولا يحسن يُماكس: من: استرسل: إذا اطمأنَّ، واستأنس، فإذا غُبن: ثبت له الخيار (٣٢)،
ضرر على المشتري، وهذا منهي عنه، والنهي مطلق، فيقتضي التحريم والفساد، الثانية: العرف والعادة؛ حيث إن الشيء الذي لم يرد تحديده من قبل الشارع: فإنه يرجع إلى تحديد أصحاب الخبرة في تلك السلعة من المتوسطين في عقولهم، فإن قلتَ: لِمَ ثبت خيار الغبن؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لحقوق الناس الذين قد يقعون في مثل ذلك، فيُمكَّنون من ردِّ سلعته، أو ثمنه، أو إمضاء البيع.
(٣٢) مسألة: يثبت خيار الغبن في ثلاث صور: أولها: إذا جلب شخص سلعة لسوق لا يعرف سعر تلك السلعة" فمثلًا: لو جلب زيد بعيرًا وتلقَّاه عمرو قبل دخوله لذلك السوق، فاشترى عمرو ذلك البعير من زيد، فلما دخل زيد السوق وجد أنه باعه بأقل من ثمنه بكثير: فإن لزيد الخيار: فإن شاء أمضى البيع، وإن شاء ردَّ بعيره، وردَّ الثمن على عمرو، وهذا يُسمَّى بـ "تلقي الركبان"، ثانيها: إذا زاد شخص في ثمن سلعة، وهو لا يُريد شراءها، وإنما يريد نفع البائع أو الإضرار بالمشتري، أو يُريدهما معًا، ولو لم يتفق هذا مع البائع، أو زاد البائع نفسه في ثمن سلعته قائلًا: "إني اشتريتها بكذا" أو قائلًا: "إني قد أُعطيتُ بها كذا" وهو كاذب؛ لأجل أن يغرَّ المشتري بذلك، وهذا يُسمَّى "زيادة النجش" فإن المغبون له حق الخيار. ثالثها: إذا كان الشخص جاهلًا بقيمة السلعة، أو كان يعلم السلع، لكنه لا يحسن المماكسة - وهو المكاسرة والأخذ والرَّد في الثمن - فاشترى سلعة بسبب اطمئنانه للبائع - بعشرة وهي لا تساوي خمسة عند أهل الخبرة - وهذا يُسمَّى بـ "المسترسل" وهو: المطمئن الواثق بالبائع، فهذا له حق الخيار؛ =