للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا إرش مع إمساك (٣٣)، والغبن محرم (٣٤)، ...................

للسنة القولية: وهي من وجوه: أولها: قوله : "لا تلقوا الجلب، فمن تلقَّاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق: فهو بالخيار" أي: أن الجالب إذا وجد نفسه أنه مغبون فهو بالخيار: إن شاء أمضى البيع، وإن شاء أخذ سلعته من المشتري وردَّ ثمنها، والنهي هنا مطلق فيقتضي التحريم، وفساد البيع، لذلك ثبت له الخيار، ثانيها: أنه : "نهى عن النجش" أي: لا يزيد أحدكم في ثمن سلعة لا يريد شراءها، أو لا تزيدوا في ثمن سلعتكم كذبًا، والنهي مطلق فيقتضي التحريم وفساد البيع، لذا ثبت الخيار، ثالثها: أنه "نهى عن بيع الغرر" ولا شك أن من باع على المسترسل سلعة بأعلى من ثمنها فقد غرَّه، وغلبه، وتحايل على أكل ماله بغير حق والنهي هنا مطلق، فيقتضي التحريم وفساد البيع، لذلك ثبت الخيار للمسترسل: فإن قلتَ: لِمَ ثبت الخيار في تلك الصور؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لحقوق بعض المسلمين الذين قد لا تسمح ظروفهم وأحوالهم من معرفة ما يجري في الأسواق من أسعار ونحوها.

(٣٣) مسألة: إذا أمضى المغبون البيع، وأمسك العين المباعة في تلك الصور الثلاث - التي في مسألة (٣٢) - ونحوها مما شابهها: فلا يستحق أرش أو عِوَض عن الغبن الذي أصابه، بل الخيار بين أمرين فقط: إمّا ردُّ المبيع وأخذ ثمنه الذي دفعه، أو إمضاء البيع؛ للاستقراء؛ حيث إنه ثبت بعد استقراء النصوص المثبتة لخيار الغبن: أن الشارع لم يجعل له الأرش والعِوَض.

(٣٤) مسألة: يُحرَّم الغبن في صوره الثلاث السابقة - في مسألة (٣٢) - وما شابهها، ويحرم التسبُّب إليه؛ للسنة القولية؛ وهي من أوجه ثلاثة - وقد سبق ذكرها في مسألة (٣٢) - فإن قلتَ: لِمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه غشٌّ للآخرين، وتغرير بهم مما يؤدِّي إلى أكل أموال الناس بالباطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>