فيه (بكيل) معهود فيما يُكال (أو وزن) معهود فيما يُوزن؛ لحديث:"من أسلف في شيء فليُسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم" متفق عليه (أو ذرع يُعلم) عند العامة؛ لأنه إذا كان مجهولاً: تعذَّر الاستيفاء به عند التلف فيفوته العلم بالمسلم فيه (١٨) فإن شرطا مكيلاً غير معلوم بعينه، أو صنجة غير معلومة بعينها: لم يصح،
بالخيار: إن شاء ردَّه، وأخذ الثمن الذي دفعه في مجلس العقد، وإن شاء أمسكه وأمضى البيع، وأخذ أرش ذلك العيب - كما سبق في البيع -؛ للقياس؛ بيانه: كما أن ذلك جائز في سائر البيوع فكذلك يجوز في المسلم فيه، والجامع: أن كلاًّ منها أنواع من البيوع.
(١٨) مسألة: في الثالث - من شروط صحة السَّلَمَ - وهو: أن يُذكر قدر المسلم فيه، ويكون ذلك معلومًا ومعروفاً لدى أكثر الناس: فيُعلم قدره بالكيل فيما يُكال كالحبوب والتمر، ويُعلم قدره بالوزن فيما يوزن كالحديد والنحاس، ويُعلم قدره بالذرع فيما يُذرع كالقماش؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"من أسلف في شيء فليُسلف في كيل معلوم ووزن معلوم" فقد أوجب: أن يُبيَّن قدر ما يُكال بالكيل، ويُبيَّن قدر ما يوزن بالوزن، والمذروع مثلهما؛ لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة"، الثانية: القياس، بيانه: كما أن الثمن معلوم قدره إن كان ذهبًا فمعلوم به، وإن كان فضة فمعلومة به فكذلك يُشترط في المثمن العلم بقدره كيلاً في المكيلات، ووزناً في الموزونات، وذرعاً في المذروعات والجامع: أن كلاًّ منهما عوض عن الآخر، فإذا كانت معرفة قدر الثمن وجنسه شرطاً في السلم، فكذلك يجب أن تكون معرفة قدر الآخر وجنسه شرطاً، فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو كان المسلم فيه مجهولاً: لتعذَّر الاستيفاء به عند تلف المسلم فيه - وهو العين المباعة -، فيحصل بسبب ذلك اختلاف المتعاقدين مما يؤدِّي إلى أكل أموال الناس بالباطل.