يصح؛ لأنه في معنى القبض (٢٨)(وإن أسلم) ثمناً واحدًا (في جنس) كبر (إلى أجلين) كرجب وشعبان مثلًا (أو عكسه) بأن أسلم في جنسين كبر وشعير إلى أجل كرجب مثلًا (صح) السلم (إن بيَّن) قدر (كل جنس وثمنه) في المسألة الثانية بأن يقول: "أسلمتك دينارين: أحدهما في اردبِّ قمح صفته كذا، وأجله كذا، والثاني في اردبيَّن شعيراً صفته كذا والأجل كذا"(و) صح أيضًا إن بيَّن (قسط كل أجل) في المسألة الأولى بأن يقول: "أسلمتك دينارين: أحدهما في إردبِّ قمح إلى رجب والآخر في
القياس وهو من وجوه: أولها: كما أن الصَّرف لا يصح إلا بالدفع في المجلس فكذلك السلم لا يصحّ إلا بدفع الثمن في المجلس، والجامع: أن كلاً منهما عقد معاوضة لا يجوز فيه تأخير الثمن، ثانيها: أن المباع وهو المسلم فيه لا يصح إلا إذا كان معلومًا قدره ووصفه فكذلك الثمن مثله، والجامع: أن كلاًّ منهما عوض فيُشترط في أحدهما ما يُشترط في الآخر، ثالثها: أنه كما يجوز بيع تفريق الصفقة، وتقسيم الثمن على كليهما، فكذلك يجوز السلم فيما قبض من الثمن دون ما لم يُقبض، الثالثة: التلازم؛ حيث إنه يلزم من عدم قبض الثمن في مجلس العقد في السلم: أن يكون بيع دين بدين وهذا لا يجوز، فيلزم دفع الثمن حتى لا يلزم هذا اللازم الباطل، فإن قلتَ: لِمَ اشترط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن قبض الثمن فيه مراعاة لحال البائع - وهو صاحب السلعة - وقد شُرع السلم من أجل ذلك، وفي بيان قدره وصفته منع للاختلاف والتنازع بين المتعاقدين، كما قلنا في بيان المباع وهو المسلم فيه.
(٢٨) مسألة: إذا جعل زيد عبدًا أمانة عند بكر، أو أن بكراً قد غصب هذا العبد من زيد، أو أنه استعاره منه ثم اشترى زيد بهذا العبد مائة صاع من بُرٍّ يُسلِّمها بكر لزيد بعد الحصاد: فإن هذا السلم يصح؛ للتلازم؛ حيث يلزم من قبض بكر للثمن - وهو هنا العبد - وتأجيل المثمن - وهو البر-: أن يصح ذلك؛ لوجود حقيقة السلم هنا.