العقد)؛ لأن العقد يقتضي التسليم في مكانه، وله أخذه في غيره إن رضيا (٣١)، ولو قال:"خذه وأجرة حمله إلى موضع الوفاء": لم يجز (٣٢)(ويصح شرطه) أي: الوفاء (في غيره) أي: غير مكان العقد؛ لأنه بيع، فصحّ شرط الإيفاء في غير مكانه كبيوع الأعيان (٣٣)، وإن شرطا الوفاء موضع العقد: كان تأكيدًا (٣٤)(وإن عقدا) السَّلم (ببر) ية (أو بحر: شرطاه) أي: مكان الوفاء لزوماً، وإلا: فسد السَّلم؛ لتعذُّر الوفاء
(٣١) مسألة: لا يُشترط ذكر مكان الوفاء، وتسليم المسلم فيه، بل يجب الوفاء في موضع العقد إن كان صالحًا لذلك عادة، فإن لم يكن صالحًا: فإن المسلم فيه يستلمه مُستحقه في أي مكان يصلح له، وتراضيا عليه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"من أسلف في شيء فليُسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم" فلم يذكر مكان الوفاء، فلم يُشترط، الثانية: العرف والعادة؛ حيث دلَّت العادة على أن الوفاء يكون في مكان العقد فاكتفي بذلك عن ذكره والشرط العرفي كاللفظ، فإن قلتَ: لِمَ لا يُشترط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة على المسلمين.
(٣٢) مسألة: إذا قال البائع للمشتري في وقت تسليم المسلم فيه: "خذه وأجرة حمله إلى موضع الوفاء": فإن هذا لا يصح؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون هذا معاوضة عن بعض السَّلم: عدم صحته.
(٣٣) مسألة: يصح أن يشترط المتعاقدان: أن يقوم البائع بالوفاء بالمسلم فيه في غير مكان العقد؛ للقياس؛ بيانه: كما يصحّ ذلك في بيع الأعيان فكذلك يصح في السَّلم والجامع: أن كلاً منها يُسمَّى بيعًا، ولا جهالة في ذلك ولا غرر، وهو المقصد منه.
(٣٤) مسألة: إذا شرط المتعاقدان: أن يكون مكان الوفاء بالمسلم فيه مكان العقد: فإن هذا يكون تأكيدًا لما يقتضيه العقد؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه لو اشترطا تعيين الكيل الذي يتعاملان به المشهور: فإنه يصحّ ذلك ويكون تأكيدًا فكذلك الحال هنا، والجامع: أنه في كل منهما شرطاً ما يقتضيه العقد بالقول.