موضع العقد، وليس بعض الأماكن سواه أولى من بعض فاشترط تعيينه بالقول كالكيل (٣٥)، ويُقبل قول المسلم إليه في تعيينه مع يمينه (٣٦)(ولا يصح بيع المسلم فيه) لمن هو عليه أو غيره (قبل قبضه)؛ لنهيه ﵇:"عن بيع الطعام قبل قبضه"(٣٧)
(٣٥) مسألة: يجب أن يشترط المتعاقدان في السَّلم مكان الوفاء وتسليم المسلم فيه؛ ويتّفقان عليه إذا عقدا السَّلم في الصحراء، أو البحر، أو دار حرب، فإن لم يذكرا ذلك: فإن السلم يفسد: للقياس، بيانه: كما يجب اشتراط تعيين الوفاء بالكيل قولًا إذا كان المسلم فيه مما يجوز فيه الوزن والكيل، فكذلك يجب ذكر مكان الوفاء إذا عقدا السَّلم في صحراء، أو بحر، أو دار حرب، أو أي مكان لا يمكن التسليم فيه، والجامع: قطع النزاع والاختلاف في كل؛ لكون كل مكان في الصحراء أو في البحر ليس بأولى من له المكان الآخر فيقع التنازع فدفعاً لذلك شرع هذا، فإن قلتَ: لِمَ يفسد السلم أن لم يُعينا مكانًا للوفاء به؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه يتعذَّر الوفاء في مكان العقد الذي يقتضيه؛ لما ذكرنا، وهذا يؤدي إلى فساد العقد كله، وأيُّ عقد يؤدِّي إلى تنازع بين المتعاقدين: فهو باطل.
(٣٦) مسألة: إذا اختلف المتعاقدان في مكان الوفاء واستلام المسلم فيه - وهو المباع -: فقال المشتري: "إني أستلم في السوق الفلاني"، وقال البائع - وهو: المسلم إليه: "إني سأسلِّمك في داري": فإنه يُقبل قول البائع وهو المسلم إليه مع يمينه أنه صادق في هذا المكان؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه يُقبل قول الغارم مع يمينه فيما غرم، فكذلك الحال هنا والجامع: أن كلاً منهما غارم فيما لو تلف المباع.
(٣٧) مسألة: لا يصح للمشتري أن يبيع المسلم فيه - وهو العين المباعة المؤجَّلة - قبل أن يقبضه: سواء كان هذا البيع على بائعه - وهو المسلم إليه - أو غيره؛ للسنة القولية: حيث نهى ﵇: "عن بيع الطعام حتى يستوفيه" وفي رواية "قبل قبضه"، فحرَّم بيع المسلم فيه - وهو المباع - قبل قبضه من البائع وهو المسلم إليه، ولو باع المشتري ذلك: كان البيع فاسدًا، لأن النهي مطلق فيقتضي التحريم =