(ولا) يصح أيضًا (هبته) لغير من هو عليه؛ لعدم القدرة على تسليمه (٣٨)(ولا الحوالة به)؛ لأنها لا تصلح إلا على دين مستقر، والسَّلم عرضة للفسخ (ولا) الحوالة (عليه) أي: على المسلم فيه، أو رأس ماله بعد فسخ (٣٩)(ولا أخذ عوضه)؛ لقوله عليه
والفساد، والمنهي عن بيع السلعة على البائع وغيره، فهو عام لهما؛ لأن "بيع" نكرة في سياق نفي، وهو النهي، فإن قلتَ: لِمَ لا يصح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن بيعه قبل قبضه قد لا يمكنه من تسليمه للمشتري الجديد، وقد يستغلُّه البائع - وهو المسلم إليه - فيشتريه بثمن بخس، فيكون فيه أكل مال الآخرين بالباطل.
(٣٨) مسألة: لا يصح للمشتري: أن يهبّ المسلم فيه - وهو: العين المباعة المؤجَّلة - قبل أن يقبضه ذلك المشتري، أما إن أراد هبته للمسلم إليه وهو البائع: فيصح؛ للقياس، بيانه: كما لا تصح هبة المباع عينًا قبل قبضه من البائع فكذلك لا تصح هنا والجامع: أن كلاً منها لا يُقدر على تسليمه، فإن قلتَ: لِمَ صحت هبته لبائعه؟ قلتُ: لأن المسلم فيه وهو المباع في يده فيستطيع الاستفادة منه.
(٣٩) مسألة: إذا اشترى زيد من بكر عشرين صاعًا من البر، وقبض بكر ثمنها من زيد - وهو مائة ريال - واتّفقا على أن يُسلم بكرٌ البرَّ هذا بعد سنة، وكان محمد يُطالب زيداً بمائة ريال، فحوَّله زيد على بكر ليأخذ، ذلك البر منه عن المائة التي يُطالبه بها: فلا يصح ذلك، وكذلك لا يصح لبكر أن يُحوِّل زيداً إلى خالد ليأخذ منه ذلك البر - بدلًا عن مائة كان يُطالبه بها -، وكذلك: لا يصح لزيد أن يُحوِّل محمدًا إلى بكر ليأخذ منه رأس ماله بعد فسخه للبيع وقبل قبضه، للتلازم؛ حيث إن الحوالة لا تصحّ إلا على دين مستقر والمسلم فيه - وهو العين المؤجَّلة - غير مستقر؛ لكونه عرضة للفسخ، ورأس المال الذي لم يُقبض عرضه لعدم القدرة على استلامه فلزم من ذلك: عدم صحة الحوالة به ولا عليه ولا الحوالة على رأس ماله بعد الفسخ وقبل قبضه، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه غرر وجهالة، ووقوع تنازع غالبًا، فدفعاً لذلك لا تصح =