القرض (بقبضه) كالهبة، ويتم بالقبول، وله الشراء به من مُقرضه (٦)(فلا يلزم ردُّ عينه)؛ للزومه بالقبض (بل يثبت بدله في ذمَّته) أي: ذمَّة المقترض (حالاً ولو أجَّله) المقرض؛ لأنه عقد مُنع فيه من التفاضل: فمنع الأجل فيه كالصَّرف، قال الإمام: القرض حال، وينبغي: أن يفي بوعده (٧)(فإن ردَّه المقترض) أي: ردَّ القرض بعينه:
"سلَّفتك" أو "ملكتك هذا على أن تردَّ عليَّ بدله" أو "خذ هذا انتفع به وردَّ عليّ بدله" أو قال زيد لبكر: "أقرضني" فقال بكر: "خذ هذا" ونحو ذلك، أما إن قال:"ملَّكتك هذا" ولم توجد قرينة على ردِّ بدله: فإن يكون هبة لا قرض؛ للتلازم؛ حيث يلزم من لفظ "القرض" و "السلف" وما يُفهم ذلك: أن المراد القرض؛ لوروده في الشرع، ويلزم من لفظ "ملكتك" بدون قرينة تدل على ردِّ البدل: أن المراد الهبة؛ عملًا بالظاهر؛ لكون التمليك من غير عوض هبة.
(٦) مسألة: يملك المقترض الشيء المقترض بقبضه من المقرِض، وليس للمقرض استرجاعه، ويتم القرض بقبول المقترض، ولذا فللمقترض التصرُّف بكل حرية بهذا القرض ومنه: أن يشتري به من مُقرضه أيَّ شيء؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الهبة تملك بقبضها، ويتصرَّف القابض لها كما شاء بها فكذلك القرض مثلها، والجامع: أن كلاًّ منهما عقد لازم يقف التصرُّف فيه على القبض فيُوقف الملك عليه.
(٧) مسألة: إذا قبض المقترض الشيء المقترض وملكه بذلك: فلا يجب عليه ردُّ عين ذلك الشيء المقترض، بل الذي يثبت في ذمته بدله، وللمقرض طلب بدله من المقترض في الحال، فإن أجَّله: فلا يُعتبر ذلك التأجيل؛ للقياس، وهو من وجهين: أولهما: كما أن الشيء المتلف يجب على المتلف بدله حالاً ولا يجب عليه عينه، فكذلك المقترض هنا، والجامع: أن كلاًّ منهما فيه سبب يُوجب ردَّ المثل في المثليات، ثانيهما: كما أن الصَّرف لا يجوز التأجيل فيه بل يُشترط أن يكون حالاً، فكذلك القرض مثله، والجامع: أن كلاًّ منهما عقد يُمنع فيه التفاضل فمنع =