مواطأة، بعد الوفاء: جاز، لا قبله (أو أعطاه أجود) بلا شرط: جاز؛ لأنه ﷺ استسلف بكراً فردَّ خيرًا منه، وقال:"خيركم أحسنكم قضاء" متفق عليه (أو) أعطاه (هدية بعد الوفاء: جاز)؛ لأنه لم يجعل تلك الزيادة عوضًا في القرض، ولا وسيلة إليه (١٣)(فإن تبرَّع) المقترض (لمقرضه قبل وفائه بشيء: لم تجر عادته به) قبل القرض: (لم يجز إلا أن ينوي) المقرض (مكافأته) على ذلك الشيء (أو احتسابه من دينه) فيجوز
المقرض بأن يقول زيد لبكر:"أنا سأقرضك عشرة آلاف بشرط: أن تجعلني أسكن دارك شهرًا" أو "بشرط أن تردَّ برًا جيدًا عن البر الذي أقرضتك إيّاه" أو نحو ذلك؛ لقول الصحابي؛ حيث قال ابن مسعود:"كل قرض جرَّ نفعًا فهو ربا"، وقال ابن عمر:"سلف تُسلِّفه تريد به وجه الله فلك وجه الله، وسلف تريد به وجه صاحبك فلك وجه صاحبك، وسلف لتأخذ به طيبًا بخبيث فذلك الربا"، فإن قلتَ: لِمَ حرم هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن القرض عقد إرفاق بالآخرين، وقربة إلى الله، فإذا شُرط ذلك: كان استغلالاً لهذا المقترض وتحايل لأكل ماله بغير حق؛ لكونه قد زاده ما اشترطه، وهذا هو الربا، وإخراج عن ما وضع له.
(١٣) مسألة: إذا بدأ المقترض فأعطى ما فيه نفع للمقرض كان يسكنه المقترض داره، أو راعاه في أجرة شيء، أو أعطاه شيئًا أجود مما أعطاه المقرض، أو أزيد منه، في القدر أو الصفة أو أعطاه هدية بدون شرط، أو مواطأة واتفاق وذلك بعد وفاء القرض، وردَّ المقترَض: فإن ذلك كله جائز؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"خيركم أحسنكم قضاء" ويلزم من ذلك الإحسان: أن يزيد المقترض في القرض عند الوفاء؛ الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﵇ قد استسلف بكراً - وهو الصغير من الإبل - فردَّ خيرًا منه. الثالثة: التلازم؛ حيث إن المقترض لما لم يجعل ما زاده عند الوفاء عِوضًا في القرض، ولا وسيلة إليه: فإنه يلزم منه: جوازه، فإن قلتَ: لِمَ جُعل ذلك جائزاً؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك يُعتبر من مكارم الأخلاق التي حثَّ الشارع عليها ومن باب جزاء الإحسان =