للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له قبوله؛ لحديث أنس مرفوعًا قال: "إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى إليه، أو حمله على الدابة فلا يركبها، ولا يقبله إلّا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك" رواه ابن ماجه وفي سنده جهالة (١٤) (وإن أقرضه أثماناً فطالبه بها ببلد آخر: لزمته) الأثمان أي:

بالإحسان.

(١٤) مسألة: إذا تبرَّع المقترض - وهو زيد - بشيء وأعطاه مُقرضه - وهو بكر - قبل وفائه القرض: فله حالات ثلاث: الحالة الأولى: إن كان من عادة زيد أن يتبرَّع ويُهدي بكراً شيئًا قبل أن تحصل بينهما عملية القرض بمدة: فإنه يجوز لمقرضه - وهو بكر - أن يأخذ ذلك التبرع المعتاد؛ للتلازم؛ حيث إن ذلك لا يُؤدِّي إلى الزيادة؛ لكون العادة جارية بينهما بذلك فيلزم جواز ذلك الحالة الثانية: إذا لم تكن بينهما عادة في مثل ذلك، ولكنه تبرَّع له بنية مجازاته، وفعل مثل ما فعل معه من النفع، أو نوى بهذا التبرُّع: أن يحسب المقرض هذا من دينه، وأن يخصمه منه: فيجوز للمقترض أن يأخذ ذلك وأن يقوم بخصمه؛ للسنة القولية: حيث قال : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا عام؛ لأن "الأعمال" جمع معرف بأل وهو من صيغ العموم، فيشمل ما نحن فيه؛ لأن المقترض أراد المكافأة، أو الاحتساب من دينه: فلا مانع منه، الحالة الثالثة: إذا لم تكن لزيد - وهو المقترض - عادة بالتبرّع للمقرض - وهو بكر -، ولم ينوِ شيئًا: فلا يجوز للمقرض أن يأخذ شيئًا؛ لسد الذرائع؛ حيث إن ذلك قد يُتَّخذ ذريعة إلى تأخير الدَّين؛ نظرًا لأخذ هذا التبرّع أو الهدية، أو أي منفعة، فيؤدِّي إلى الربا؛ لكونه سيعود إليه ماله مع أخذ الفضل - وهو: المتبرَّع به أو الهدية الآتي من المقترض - فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا التفصيل؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه أجيز الأخذ في الحالتين الأوليين، لتحقيق التواصل والألفة والمحبة والترابط بين المسلمين، ولم يُجز في الثالثة؛ لكونه يؤدّي إلى باطل - وهو الربا - وما أدَّى إلى باطل فهو باطل، تنبيه: قوله "إلا أن ينوي المقرض مكافأته" قلتُ: الصحيح في العبارة: "إلا أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>