ولا بمجهول (٢٦)، أو إلى أجل مجهول (٢٧)، وتصح:"إذا قدم الحاج: فأنا كفيل بزيد شهرًا"(٢٨)(ويُعتبر رضى الكفيل)؛ لأنه لا يلزمه الحق ابتداء إلا برضاه (لا) رضى
تلك الأمور، فإن قلتَ: يصح أن يُكفل بدن من عليه حد لآدمي، وهو قول مالك، ورواية لأحمد، ورجَّحه ابن تيمية؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كونه حقًا لآدمي: أن تصح الكفالة به كسائر حقوق الآدميين قلتُ: هذا بعيد؛ لأن الحدود عقوبات وزواجر بدنية، ولا يُعاقب ولا يُزجر بدنيًا إلا نفس فاعل ذلك؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازمين" فعندنا يُرجَّع الأول؛ لتقوية المصلحة له، وعندهم: يُرجع الثاني. تنبيه: حديث: "لا كفالة في حد" لايصح الاستدلال به؛ لأنه ضعيف، والضعيف لا يحتج به في إثبات الأحكام.
(٢٦) مسألة: لا يصح أن يُكفل بدن شخص مجهول؛ للتلازم؛ حيث إن هذا لا يمكن تسليمه لصاحب الحق عند طلبه فلزم عدم صحة ذلك.
(٢٧) مسألة: لا يصح أن يكفل بدن شخص إلى أجل مجهول كأن يقول زيد لبكر: "إذا هبَّت الرياح فأنا كفيل بإحضار محمد" ونحو ذلك؛ للتلازم؛ حيث لا يُمكن أن يُطالب هذا بإحضاره إلا إذا هبَّت الرياح، وهذا أمره مجهول فلا يصح كالبيع المؤجَّل إلى وقت مجهول.
(٢٨) مسألة: يصح أن يكفل بدن شخص إلى وقت معلوم عادة وعرفًا كقوله: "إذا قدم الحاج فأنا كفيل بإحضار محمد" أو يقول: "إذا حصد الزرع، أو جُزَّ النخل فأنا كفيل بإحضار محمد" ونحو ذلك؛ للقياس؛ بيانه: كما يصح البيع المؤجّل ثمنه بذلك التوقيت فكذلك تصح الكفالة والجامع: أنه في كل منهما قد جُهل له أجل لا يمنع من حصول المقصود منه ولا غرر ولا جهالة فيه، فلا يقع تنازع وهذا هو المقصد منه.