لا يمنعه حقه بدونه، وإلا بطل؛ لأنه أكل لمال الغير بالباطل (٥)(و) محلُّه أيضًا: أن لا يكون (ممن لا يصلح تبرُّعه) كمكاتب، وناظر وقف، وولي صغير ومجنون؛ لأنه تبرُّع، وهؤلاء لا يملكونه (٦)، إلا إن أنكر من عليه الحق ولا بيّنة؛ لأن استيفاء البعض عند العجز عن استيفاء الكل أولى من تركه (٧)(وإن وضع) رب الدَّين (بعض)
(٥) مسألة: في الثالث - من شروط صحة الإسقاط - وهو: أن لا يمنع المقرُّ - وهو بكر - حقَّ المقرِّ له - وهو زيد - بدون هذا الإسقاط، أو الإبراء، أو الهبة، فإن منعه حقَّه بأن قال بكر لزيد:"لن أعطيك حقَّك إلّا بعد أن تسقط عني بعض الدَّين" فأسقط زيد عنه ذلك البعض لذلك: فإنه لا يصح؛ للتلازم؛ حيث إن منع بكر حق زيد بدون الإسقاط يلزم منه أكل لمال الغير بالباطل، وهذا محرَّم.
(٦) مسألة: في الرابع - من شروط صحة الإسقاط - وهو: أن يكون المسقط، والواهب والمبرئ ممن يصحّ تبرُّعه، وهو الحر المكلَّف صحيح الملك، أما إذا لم يصح تبرُّعه كالعبد، والمكاتب - قبل أن يُسدِّد ما عليه لسيده - وولي الصغير والمجنون، والسفيه وناظر الوقف: فإنه لا يصح أن يسقط أو يُبرئ، أو يُوهب شيئًا للغير؛ للتلازم؛ حيث إن الإسقاط يصح ممّن يملك ما يُسقط منه، تمام الملك، ويستطيع التبرّع منه: فيلزم أن هؤلاء لا يصح منهم الإسقاط أو التبرُّع مما تحت ولا يتّهم من أموال؛ لكونهم لا يملكونه.
(٧) مسألة: إذا كان زيد وليًا على صبي، وكان بكر عنده لهذا الصبي ألفا ريال مثلًا، وطالبه بهما زيد؛ بناء على أنه ولي على الصبي، وأنكر بكر هذا المبلغ، ولا تُوجد بيّنة عند الصبي ووليه: فيجوز للولي وهو زيد - أن يُسقط بعض هذا المال عن بكر؛ لأجل أن يدفع باقيه لزيد؛ للتلازم؛ حيث يلزم من إنكار بكر لكل المبلغ: جواز إسقاط زيد لبعضه لأجل أن يدفع الباقي؛ لأن أخذ البعض من الحق والمال أولى من تركه كله؛ حيث إن الذي لا يدرك كله لا يُترك كله، وهو من باب "تعارض المفسدتين.