الدَّين (الحال وأجَّل باقيه: صح الإسقاط فقط)؛ لأنه أسقط عن طيب نفسه، ولا مانع من صحته، ولم يصح التأجيل؛ لأن الحالَّ لا يتأجَّل (٨)، وكذا: لو صالحه عن مائة صحاح بخمسين مكسَّرة: فهو إبراء من الخمسين، ووعد في الأخرى ما لم يقع بلفظ "الصلح" فلا يصح كما تقدم (٩)(وإن صالح عن المؤجَّل ببعضه حالًا): لم يصح
(٨) مسألة: إذا أسقط المقرُّ له - وهو زيد - بعض الدّين الذي حلَّ الذي له على المقر - وهو بكر - كأن يكون له على بكر عشرة آلاف، فأسقط عنه ألفين، وأجَّل الباقي - وهو: ثمانية آلاف -: فإنه يصحّ الإسقاط والتأجيل معًا - وهو قول بعض العلماء كابن تيمية وابن القيم وغيرهما -؛ للقياس؛ بيانه: كما يجوز لصاحب الدَّين أن يُسقط دينه كله عن المدين، فكذلك يصح له أن يسقط بعضه وكما يجوز له أن يُؤجِّل قبض القرض والعارية، فكذلك يجوز تأجيل الدَّين بدون زيادة أو فائدة ترجع إلى المؤجِّل والجامع: أن كلًّا منهما أسقط حقه بطيب نفس منه وبدون فائدة أو زيادة، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه الإسقاط والتأجيل فيه تنفيس على المؤجَّل له، والمسقَط عنه مع عدم وجود مفسدة فإن قلتَ: إنه يصح الإسقاط، دون التأجيل هنا - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون الدَّين حالًّا: عدم تأجيله قلتُ: بل يتأجل الدَّين الحال؛ لكون تعجيله وتأجيله من حق رب الدَّين: فإن أجَّله فقد أسقط حقه برضاه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "الخلاف في تأجيل الدَّين الحال هل هو من حق صاحب الدَّين وربه أو لا؟ " فعندنا: أنه من حقِّه، وعندهم: أنه ليس من حقِّه.
(٩) مسألة: إذا صالح صاحب الدَّين المدين عن مائة دينار صحيحة بخمسين مكسَّرة ووعد في الخمسين الأخرى: فيصحّ الإبراء في الخمسين، دون أن يجعل الخمسين الأخرى مكسَّرة بشرط: أن لا يقع هذا بلفظ "الصلح"، فإن وقع بلفظه: فلا يصح ذلك؛ للتلازم؛ حيث إن كونه وقع بطريقة الوعد: لا يلزم الوفاء به ويلزم =