للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه دفع المال افتداء ليمينه، وإزالة للضرر عنه، لا عوضًا عن حق يعتقده (فلا ردَّ) لما صالح عنه بعيب يجده فيه (ولا شفعة) فيه؛ لاعتقاده أنه ليس بِعوَض (٢١) (وإن كذب أحدهما) في دعواه أو إنكاره، وعلم بكذب نفسه: (لم يصح) الصلح (في حقه باطنًا)؛ لأنه عالم بالحق، قادر على إيصاله لمستحقه، غير معتقد أنه محق (وما أخذه حرام) عليه؛ لأنه أكل للمال بالباطل (٢٢)، .....................................

فلا يرد زيد بعيب ونحوه؛ للتلازم؛ حيث إن المدَّعي - وهو زيد - يعتقد أنه أخذ بعض عين ماله مسترجعًا ممّن هو عنده فيلزم: أن لا يكون لذلك أحكام البيع، وهذا فيه حماية لحق المدّعى عليه.

(٢١) مسألة: صلح الإنكار - الذي سبق في مسألتي (١٧ و ١٨) - له أحكام الإبراء للمدَّعى عليه - وهو بكر - وليس بيعًا؛ فليس له رد ما صالح عليه بعيب ونحوه ولا شفعة فيه إن كان شقصًا من عقار؛ للمصلحة: حيث إن المدَّعى عليه قد سكت أو أنكر ما ادَّعاه عليه زيد، ودفع ذلك المال لا لاعتقاده أن لزيد حقًا له، وإنما دفعه له؛ لإزالة الضرر عن نفسه؛ صيانة لنفسه عن التبذُّل والخصومة التي قد لا تليق به، ولافتداء يمينه - كما سبق بيانه -؛ وهذا لا يُسمَّى عوضًا حقيقة، وهذا فيه حماية لحق المدعي، وهو المقصد منه.

(٢٢) مسألة: إذا ادَّعى زيد على بكر فقال لبكر: "لي عليك دين" وكذب زيد في ذلك - أي: ادَّعى شيئًا يعلم أنه ليس له -، أو أن بكرًا أنكر ذلك أو سكت وكذب في إنكاره وسكوته - أي: أنكر شيئًا يعلم أنه حق لزيد -، وصالح أحدهما الآخر: فإن هذا الصلح باطل في حق من علم كذب نفسه، وما أخذه أحدهما من الآخر يكون حرامًا، ولو حكم به حاكم؛ للتلازم؛ حيث إن أحدهما قادر على إيصاله الحق لمستحقه معتقد أنه لا يستحق ذلك، ومع ذلك لم يفعل فيلزم من ذلك: أنه أكل مال الآخر بالباطل، وهو محرَّم بالإجماع، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لأموال وحقوق الآخرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>