للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه: صح، ولم يرجع عليه (٢٣)، ويصح الصلح عن قصاص، وسكنى دار، وعيب بقليل وكثير (٢٤) (ولا يصح) الصلح (بعوض عن حد

(٢٣) مسألة: إذا ادَّعى زيد على بكر فقال زيد: "إن لي عندك ألف ريال" فأنكر بكر، فصالح عن المنكر - وهو بكر - محمد، بأن يُسقط عنه مائتي ريال، ويدفع محمد عن بكر ثمانمائة فيصح ذلك، ولا يرجع محمد على المنكر - وهو بكر - ليأخذ منه ما دفعه لزيد - وهي: الثمانمائة - وإن نوى الرجوع إليه عند الصلح هذا إن لم يأذن بكر بالصلح، أما إن أذن بذلك الصلح: فإنه يرجع إلى بكر فيأخذ ما دفعه لزيد - وهي: الثمانمائة إن نوى الرجوع؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه: كما يصح أن يقضي محمد دين بكر إلى زيد فكذلك يصح أن يُصالح عنه بدفع مبلغ من المال عنه لزيد، والجامع: أنه في كل منهما قصد، براءته وقطع الخصومة عنه الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من تبرُّع محمد، بالصلح بهذا المبلغ: عدم الرجوع إلى بكر ليأخذ منه المبلغ الذي صالح زيدًا عليه؛ لكون محمد قد أدَّى عن بكر مالًا عن طريق صلح لم يأذن له فيه، ولا في الأداء، ويلزم من إذن بكر لمحمد في الصلح على ذلك: رجوع محمَّد إلى بكر ليأخذ منه ذلك المبلغ إن نوى الرجوع أثناء الصلح فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلت للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه قطع التنازع بين المسلمين.

(٢٤) مسألة: يصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العِوَض عنه: سواء كان مما يجوز بيعه أو مما لا يجوز بيعه وسواء مع إقرار أو إنكار، فيصح الصلح عن القصاص، والصلح عن سكنى الدار إذا اشترطه البائع بمبلغ والصلح عن عيب المبيع، والصلح عن قيمة المتلف بأكثر أو أقل؛ لفعل الصحابي؛ حيث إن الحسن والحسين وسعيد بن العاص قد بذلوا للذي وجب له القصاص على هدبة بن خشرم سبع ديات، فأبى أن يقبلها، فلو لم يصح الصلح في ذلك لما فعل هؤلاء الصحابة ذلك، والصلح بأقل، والصور المذكورة مثل ذلك؛ لعدم الفارق.

<<  <  ج: ص:  >  >>