يضع خشبه على جداره" ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمينَّ بها بين أكتافكم" متفق عليه (وكذلك) حائط (المسجد وغيره) كحائط نحو يتيم، فيجوز لجاره وضع خشبة عليه إذا لم يُمكن تسقيف إلّا به بلا ضرر؛ لما تقدَّم (٤١)(وإذا انهدم جدارهما) المشترك، أو سقفهما (أو خيف ضرره) بسقوطه (فطلب أحدهما أن يعمر الآخر معه: أُجبر عليه إن امتنع؛ لقوله ﵇: "لا ضرر ولا ضرار"، فإن
(٤١) مسألة: يحرم على الشخص: أن يضع خشبه على حائط جاره، أو على حائط مسجد أو وقف، أو حائط يتيم، أو مجنون أو صبي، أو مكاتب إلّا إذا اضطر هذا الشخص إلى وضع خشبة على ذلك الحائط فيجوز كأن يسقف بها ونحو ذلك بشرط: عدم الإضرار بجدار الجار أو المسجد أو الوقف، فإن كان فيه ضرر على غيره: فلا يجوز وإن كان مضطرًا إلى ذلك؛ للسنة القولية: وهي من وجهين: أولهما: قوله ﵇: "لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبه على جداره" حيث حرّم منع الجار لجاره من وضع خشبه على جداره؛ لأن النهي هنا مطلق، وهو يقتضي التحريم وهو عام فيشمل وضعها للضرورة وغيرها؛ لأن "جاره" نكرة أضيف إلى معرفة، وهذا من صيغ العموم، ثانيهما: قوله: "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" حيث حرَّم الإضرار بالآخرين، لأن النفي هنا نهي، وهو مطلق فيقتضي التحريم، وهو عام فيشمل الجار وغيره وضع الخشب وغير ذلك؛ لأن "ضرر، وضرار" نكرة في سياق نفي وهو من صيغ العموم، وهذا مخصص للحديث الأول - وهو: لا يمنعن جار جاره .. " - فيكون في حالة عدم الضرورة، فيكون المراد: يحرم على الجار أن يمنع جاره من وضع خشبه على جداره إذا لم يتضرَّر ذلك الجار، أما إن تضرَّر: فيجوز لهذا الجار أن يمنعه عملًا بالحديثين وسيأتي زيادة بيان لذلك في مسألة (١٥) من باب "العارية"؛ فإن قلت: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه قضاء حاجة المضطر، ودفع الضرر عن الآخرين؛ لأن دفع المفسدة مقدَّم على جلب المصلحة، وفيه حثّ على التعاون.