المعتاد (٣)(و) الثالث (زوال العقل) أي: تغطيته قال أبو الخطاب وغيره: ولو تلجَّم ولم يخرج منه شيء؛ إلحاقًا بالغالب (إلا يسير نوم من قاعد أو قائم) غير مُحتبٍ، أو متكيء، أو مُستند، وعُلِم من كلامه: أن الجنون، والإغماء، والسكر ينقض كثيرها
تستقذره النفوس السليمة ولا يُتعبد بشيء هذه صفته، وهذا هو المقصد من هذا هذا الحكم، فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط الشرط الأول وهو كونه كثيرًا في الحالة الثانية؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن القليل مما ليس ببول أو غائط معفو عنه، كقليل الدم والصديد؛ لأنه لا يسلم منه أحد، فلو نقض هذا القليل الوضوء: للحق كثيرًا من الناس المشقة، فدفعًا لذلك عُفي عنه؛ لكونه نجاسة غير مغلَّظة، بخلاف البول والغائط فقليله ينقض الوضوء مثل كثيره؛ لأن نجاسته مغلَّظة، فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط الشرط الثاني، وهو كونه نجسًا في الحالة الثانية؟ قلتُ: لأن الخارج من غير السبيلين قد يكون طاهرًا كالبُصاق والنخامة ونحوهما، تنبيه: عرَّف المصنف الكثير بأنه: "ما فحش في نفس كل أحد بحسبه" وهذا فيه نظر؛ لأن الناس يختلفون بالتشدُّد والتساهل، لذا يكون تعريفه الصحيح كما سبق في الحالة الثانية.
(٣) مسألة: إذا انسدَّ المخرج الطبيعي المعتاد للبول والغائط وهما: القُبُل والدُّبر - وانفتح مخرج آخر في موضع من البدن: فلا تثبت لهذا المخرج المنفتح أحكام المخرج الطبيعي، وبناء على هذه القاعدة: فإنه لو خرج شيء نجس قليل - غير بول وغائط - من هذا المخرج المنفتح أو مسّه أحد: فلا ينقض الوضوء، وكذا: لو خرج بول أو غائط منه: فلا بدَّ من غسله، ولا يُجزيء فيه الاستجمار بالأحجار، وكذا: لو أولج فيه ذكر فلا يجب عليه الغسل إلا إذا أنزل؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأحكام الشرعية قد تعلَّقت وثبتت في المخرج المعتاد، وأما غيره: فلم تثبت فيه تلك الأحكام، فيبقى على النفي الأصلي.