الحجر في النفقة) وقدرها ما لم يخالف عادة وعرفًا (٤٦)، ولو قال:"أنفقتُ عليك منذ
= ريالات، وقدر كفايته خمسة عشر: فيأخذ عشرة فقط، ولو أيسر هذا الولي فلا يجب عليه أن يدفع ما أخذه إلى مال الصبي والمجنون والسفيه؛ لقواعد، الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ والمعروف: هو قدر المثل وهو ما تعارف عليه عقلاء الناس؛ الثانية: السنة القولية؛ حيث جاء رجل إلى النبي ﵇ فقال له إني فقير ولي يتيم له مال، فقال له النبي ﵇: "كل من مال يتيمك غير مسرفٍ، ولا مُبذِّرٍ ولا متأثِّل" والذي صرف الأمر في الآية والحديث من الوجوب إلى الإباحة أن الأمر جاء بعد حظر؛ حيث يُحظر ويحرم الأكل من مال الغير بغير إذنه، فجاء هذا الأمر ليبيح ذلك بالمعروف؛ الثالثة: القياس؛ بيانه كما أن الأجير والمضارب يأخذان أجرة لعملهما، فكذلك ولي الصبي والمجنون والسفيه له الأخذ من مالهم والجامع: أن كلًّا منهم يأخذ بدل عمل يؤدِّيه، فإن قلتَ لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه سدُّ حاجة هذا لولي الفقير ليتفرَّغ لإدارة مال الصبي أو المجنون أو السفيه كما يُعطى إمام المسجد ومؤذِّنه، والناظر على الوقف ليتفرَّغوا لذلك.
(٤٦) مسألة: إذا اختلف ولي مع موليه - وهو الصبي، أو المجنون أو السفيه - بعد بلوغه وعقله ورشده - في قدر النفقة التي أنفقها الولي فقال هؤلاء: "إنك أيها الولي قد تعدَّيت بالنفقة وأكثرت منها فزال أكثر ما نملك" فقال الولى: لم أتعدَّ: فإنه يُقبل قول الولي مع يمينه بشرط: أن لا يُخالف قوله فيما أنفقه عادة وعرف عقلاء الناس في نفقاتهم؛ للقياس؛ بيانه: كما يُقبل قول المودَع مع يمينه فيما أنفقه على الوديعة فكذلك يُقبل قول الولي هنا، والجامع: أن كلًّا من الوديعة ومال المحجور عليه يعتبران وديعة عند أمين عدل، فإن قلت: لِمَ شُرِّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو لم يُقبل قول الولي في ذلك: لما تولَّى أحد على أحد؛ نظرًا لخوف التهمة والتشهير ببعض من يعمل خيرًا، فدفعًا لذلك: شرع هنا، واشترط ذلك الشرط؛ لأن العادة محكَّمة.