تعمد ذلك، أو كان ناسيًا أو ساهيًا أو غافلًا، وسواء مسَّ ذكره أو ذكر غيره، وسواء كان الممسوس حيًا أو ميتًا، وسواء كان الذكر أشلًا لا نفع فيه، أو فيه نفع، وسواء كان أقلفًا - وهو الذي لم يُختتن - أو لا، وسواء كان الممسوس ذكره صبيًا أو كبيرًا؛ لقاعدتين الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"من مسَّ ذكره فليتوضأ" - كما روته بُسرة - حيث أوجب الوضوء من مس الذكر، لأن الأمر مطلق فيقتضي الوجوب، وهذا عام لجميع ما ذكر من الحالات، لأن "من" الشرطية من صيغ العموم، فيلزم من وجوب الوضوء من مسَّه: أنه ناقض للوضوء، الثانية: القياس، بيانه: أن مسَّ المرأة ينقض الوضوء بشرط: أن يكون بشهوة، وهذا ما دلت عليه السنة الفعلية، حيث قالت عائشة:"إذا سجد غمزني فقبضتُ رجلي" فلو كان المس بغير شهوة ناقضًا للوضوء: لبطلت صلاة النبي ﷺ، لبطلان الوضوء بسبب المس، فإذا كان الأمر كذلك في مس المرأة، فكذلك تشترط الشهوة في مس الذكر لأجل أن يكون هذا المس ناقضًا للوضوء، والجامع: إثارة الشهوة التي يغلب على الظن خروج حَدَث بسببها، وهذا هو المقصد من هذا الحكم، فإن قلتَ: إن مس الذكر لا ينقض الوضوء مطلقًا؛ للسنة القولية؛ حيث سأل رجل النبي عن مسَّ الرجل لذكره بعد وضوئه، فقال ﷺ:"وهل هو إلا بضعة منك" - كما رواه قيس بن طلق - وهذا من أقيسة النبي ﷺ: فكما أنك إذا مسست يدك لا ينتقض وضوؤك فكذلك إذا مسست ذكرك، قلتُ: إن حديث قيس هذا ضعيف كما قال أبو زرعة وأبو حاتم، وعلى فرض صحته: فإنه منسوخ بحديث بسرة؛ لأن راوي حديث بسرة هو أبو هريرة، وهو متأخر الإسلام، وأما حديث قيس فقد رواه أبوه طلق وهو متقدم الإسلام، وهذا من طرق الناسخ والمنسوخ من النصوص، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل حديث قيس ضعيف ومنسوخ أو لا؟ " فعندنا: نعم، وعندهم: لا.