إقامة البيّنة عليه، ثم يُقبل قوله فيه (٣٧)، وإن وكَّله في شراء شيء، واشتراه، واختلفا في قدر ثمنه: قبل قول الوكيل (٣٨)، وإن اختلفا في ردِّ العين، أو ثمنها إلى الموكِّل: فقول وكيل متطوع، وإن كان يُجعل: فقول موكِّل (٣٩)، وإذا قبض الوكيل الثمن -
= الموكل في دعواه.
(٣٧) مسألة: إن قال الوكيل: إن مال الموكِّل قد تلف بأمر ظاهر كحريق عام، أو غرق بيوت عام، أو نحو ذلك: فإنه يُكلَّف بإقامة الدليل على ذلك، فإن أثبت الدليل عليه: قُبل قوله، وإن لم يُثبت: يُقبل قول الموكِّل، فيضمن الوكيل المال للموكِّل؛ للتلازم؛ حيث إن البيِّنة على الظواهر سهل إثباتها؛ لكون ذلك مما لا يخفى: فلزم إلزامه ببيانها، ويلزم من عجزه عنها: قبول قول الموكِّل، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لمال الموكِّل، والحثُّ على التحقق من البيّنات والدلائل.
(٣٨) مسألة: إذا اختلف الموكِّل مع وكيله في قدر الثمن الذي اشترى به الوكيل تلك السلعة لموكله فقال الوكيل: "إني اشتريت هذا الثوب لك بعشرة" وقال الموكِّل: "بل إنك اشتريته بثمانية" فإنه يقبل قول الوكيل مع يمينه؛ للتلازم؛ حيث إن الوكيل أمين، وأعلم بما عُقد عليه من الموكِّل؛ فلزم: أن يُقبل قوله؛ لكونه هو الذي تعاقد مع البائع عند شراء الثوب.
(٣٩) مسألة: إذا اختلف الموكِّل مع وكيله في ردِّ العين أو ثمنها فقال الوكيل: "إني قد سلَّمتها لك" أو قال: "إني قد سلَّمتُ لك ثمنها" ونفى ذلك الموكِّل: ففيه حالتان: الحالة الأولى: إن كان الوكيل متطوعًا أي: بدون أن يأخذ جُعْلًا أو أجرة من موكِّله -: فإنه يُقبل قوله مع يمينه، بدون الموكِّل؛ للقياس بيانه: كما أنه يُقبل قول الوصي والولي والمودَع المتبرعين في الردّ والثمن ونحو ذلك، فكذلك يُقبل قول الوكيل المتطوّع المتبرع، والجامع: أن كلًّا منهم قد قبض ما عنده من الغير لنفع مالكه، لا لنفعه، الحالة الثانية: إن كان الوكيل قد جُعِل له جُعْلًا وأجرة =