للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعدى، أو طُلب منه المال فامتنع من دفعه لغير عذر: ضمن (٣٥) (ويُقبل قوله) أي: الوكيل (في نفيه) أي: نفي التفريط ونحوه (و) في (الهلاك مع يمينه)؛ لأن الأصل: براءة ذمته (٣٦)، لكن إن ادَّعى التلف بأمر ظاهر كحريق عام، ونهب جيش: كُلِّف

(٣٥) مسألة: الوكيل أمين لا ضمان عليه إذا تلف ما تحت يده من أموال الموكِّل إذا لم يوجد تعدٍّ ولا تفريط منه - أعني: من الوكيل -: سواء كانت الوكالة بُجعْل وأجرة أو لا، أما إن وُجد تعدٍّ أو تفريط من الوكيل فتلف ذلك المال: أو طلب الموكِّل منه ماله، فامتنع الوكيل فتلف: فإنه يضمنه للموكِّل؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المودَع، والشريك، والمرتهن والوصى والولي وأمين الحاكم لا يضمنون ما تلف تحت أيديهم بلا تعدٍّ ولا تفريط، ويضمنون ما تلف بتعدٍّ وتفريط، أو بالامتناع من أداء المال لصاحبه حتى تلف فكذلك الوكيل مثلهم، والجامع: أن كلًّا منهم لو كان عليه ضمان ما تلف تحت يده: لامتنع الناس من قبول وضع الأمانات عندهم، ولما خدم بعضهم بعضًا في ذلك، فينقطع بسبب ذلك التعاون بين المسلمين، وهذا ضرر، والضرر يُزال، وهذا هو المقصد من هذا الحكم، فإن قلت: لِمَ يضمن الوكيل إذا فرَّط؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لحق الموكِّل.

(٣٦) مسألة: إذا اختلف الموكِّل مع وكيله في التفريط والتعدِّي فقال الموكِّل: "تلف مالي عندك بسبب تفريطك" فنفى الوكيل ذلك قائلًا: "أنا لم أفرِّط" ولم توجد بيّنة: فإنه يُقبل قول الوكيل مع يمينه؛ للاستصحاب، حيث إن الأصل براءة ذمَّة الوكيل من أي تعدٍّ أو تفريط، فإذا لم تُوجد بيّنة تشهد لما قال الموكِّل: فإنه يُستصحب الأصل، ويُعمل به، وهو صدق الوكيل وبراءة ذمته، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ للمصلحة؛ حيث إن الوكيل لو لزمه أن يثبت بيّنة على ما يقول: لامتنع الناس من أن يتوكَّلوا عن غيرهم، وهذا تعطيل ومنع لقضاء حاجات الآخرين، فإن قلت: لِمَ وجبت عليه اليمين؟ قلتُ: للاحتياط، حيث يحتمل صدق =

<<  <  ج: ص:  >  >>