للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيث جاز -: فهو أمانة في يده، لا يلزم تسليمه قبل طلبه، ولا يضمنه بتأخيره (٤٠)، ويُقبل قول الوكيل فيما وُكِّل فيه (٤١) (ومن ادَّعى وكالة زيد في قبض حقه من عمرو)

= يأخذها مُقابل تلك الوكالة: فإنه يُقبل قول الموكِّل، وعليه: يضمن الوكيل؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المستعير لشيء لا يُقبل قوله في الرد، والثمن، فكذلك لا يُقبل قول الوكيل الذي جُعل له جُعْلًا، والجامع: أن كلًّا منهما قد قبض ما عنده الحظ ونفع نفسه؛ حيث إنه كلَّما طال القبض لذلك الشيء: زادت الأجرة والانتفاع بالمعار، فإن قلت: لِمَ شُرّع هذا التفصيل؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو لم يُقبل قول الوكيل المتبرِّع في الحالة الأولى لما قبل أحد أن يتوكَّل عن أحد، فيلحق الناس ضرر لا يخفى، ولو قبل قول الوكيل الذي جُعل له جُعلًا في الحالة الثانية: لتضرر الموكّل.

(٤٠) مسألة: إذا وكَّل زيد بكرًا في بيع دار له - مثلًا -، وأذن له في قبض ثمنها وباعها الوكيل - وهو بكر - وقبض ثمنها: فإن هذا الثمن يكون أمانة في يد الوكيل لا يجب عليه تسليمه إلى الموكِّل قبل أن يطلبه، ولا يضمنه إذا أخَّره عنده وتلف بلا تعدٍّ ولا تفريط؛ للقياس؛ بيانه كما أن الوديعة أمانة في يد المودَع، لا يجب على المودَع تسليمها للمودع قبل طلبه لها، ولا يضمنها إذا أخَّرها فكذلك الوكيل مثله والجامع: أن كُلًّا من المودِع، والموكِّل قد رضيا في كون ذلك بيدهما، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو ضمن الوكيل ذلك: لما قبل أحد أن يكون وكيلًا عن أحد، وفي ذلك ضرر على الناس.

(٤١) مسألة: يُقبل قول الوكيل في الشيء الذي وُكِّل فيه من بيع، وشراء، وقبض ثمن، وصداق، وإجارة، وأجرة، وقدر ذلك، وتلف، ونحو ذلك: سواء كان وكيلًا يُجْعل وأجرة أو لا؛ للتلازم؛ حيث إن الوكيل أمين في الإخبار بماله وما عليه - كما سبق - فيلزم قبول ما يقول، وتصديقه (فرع): إذا أثبت الموكِّل دليلًا وبيّنة على كذب وكيله فيما قاله: فإن قول الموكِّل يقبل ويُصدَّق بسبب هذه البيِّنة =

<<  <  ج: ص:  >  >>