للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التصرُّف (٥)

= ومال شريكه معًا، ونظرًا لاستوائهما في الفسخ، واستحقاق الربح بقدر المالين؛ أخذًا من عنان الدابة، بيانه: كما أن طرفي عنان الدابتين إذا استويا فإنهما يستويان في السير، فكذلك الشريكان يستويان في ذلك، والجامع: الاستواء في كل، (فرع): يُشترط أن يكون كل واحد من الشريكين جائز التصرف؛ للقياس؛ بيانه: كما لا يجوز البيع إلا من جائز التصرف فكذلك لا تجوز هذه الشراكة إلّا من جائز التصرف والجامع: العقد على التصرف.

(٥) مسألة: يجوز أن يشارك المسلم الكافر الكتابي - اليهودي والنصراني - بدون كراهة لكن بشرط: أن لا يلي الكافر التصرّف في الشركة بمفرده، بل لا بدَّ من حضور شريكه المسلم، للمصلحة: حيث إن الكافر يتعامل بالربا، ويبيع ويشتري الخمور، والخنازير، فيخشى من تفرّده: أن يتعامل بذلك بدون علم شريكه المسلم، فاشترط هذا الشرط، دفعًا لهذه المفسدة، حيث إن المسلم سيمنعه من ذلك، فإن قلتَ: يكره أن يشارك المسلم الكافر الكتابي وهو قول الشافعي؛ لقاعدتين: الأولى: التلازم؛ حيث يلزم من كون مال الكفار غير طيب نظرًا لكونهم يتعاملون بالربا ونحو ذلك: عدم جواز مشاركتهم، الثانية: قول الصحابي؛ حيث إن ابن عباس قد كره مشاركتهم قلتُ: أما كون أموالهم غير طيبة فلا يلزم منه كراهيتها؛ لأن النبي قد عاملهم: فقد طالب بعضهم بثوبين إلى ميسرة، واستضافه يهودي بخبز وإهالة سنخة، ورهن درعه عند يهودي على شعير أخذه إلى أهله والنبي لا يأكل إلّا طيبًا، وأما قول ابن عباس: فيُحمل على ما إذا انفرد الكافر بالتصرف بمفرده وهذا منفي باشتراطنا - وهو: "أن لا يلي التصرف في الشركة بمفرده -، وإذا دخل الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال. فإن قلتَ ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض المصلحة مع قول الصحابي والتلازم" فعملنا بالمصلحة العامة، لضعف التلازم، وقول الصحابي، وعملوا بهما؛ لقوتهما عندهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>