للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طلب الأجرة، وللمستأجر دفعها إلى أحدهما (٧٠)، ومن تلفت بيده بغير تفريط: لم

= تصحّ عند اتحاد الصنعة كأن يشترك زيد وعمرو الحدَّادين، أو النجَّارين، وتصح بين اثنين وإن اختلفت صنعتهما كأن يشترك زيد النجار مع عمرو الحدَّاد، أو زيد القصَّار - وهو الذي يقصر الثياب - مع عمرو البنَّاء، وهكذا؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه يصح أن يشترك اثنان متحدان في الصنعة فكذلك يصح إذا اختلفت صنعتهما، والجامع: الكسب المباح في كل، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن ذلك فيه توسعة على المسلمين، فإن قلتَ: لا تصح شركة الأبدان عند اختلاف الصنعة بين الشريكين، وهو قول مالك، واختاره بعض الحنابلة كأبي الخطاب؛ للتلازم؛ حيث إنه اشترط في شركة الأبدان: أن ما يتقبَّله أحد الشريكين من العمل: فإنه يلزمهما معًا، ويطالبان به معًا - كما سبق في مسألة: (٦٨) - فإذا تقبَّل أحدهما شيئًا مع اختلاف صنائعهما: لم يكن للآخر أن يقوم به، ولا يستطيع القيام بما لا قدرة له عليه فيلزم من ذلك: ألا تصح تلك الشركة بين اثنين قد اختلفا في الصنعة قلتُ: يُمكن للشريك الذي لا يُحسن صنعة شريكه الآخر أن يستأجر من يحسنها فيعملها عن شريكه، فلا يلزم ما ذكرتموه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع التلازم".

(٧٠) مسألة: إذا اشترك زيد وعمرو - في شركة الأبدان -، فاستأجر بكر زيدًا على أن يبني له جدارًا، فإن زيدًا له أن يُطالب بكرًا بالأجرة، وكذلك عمرو له ذلك، وإذا دفع بكر الأجرة لزيد أو لعمرو: فإن ذمة زيد تبرأ؛ للقياس، بيانه: كما أن زيدًا لو وكَّل عمرًا بأخذ الأجرة من بكر: فإن كلًّا منهما له مطالبة بكر بها، وإذا دفعها بكر لأحدهما: فإن ذمّته تبرأ، فكذلك شركة الأبدان مثل ذلك، والجامع: أن كلًّا من الموكل والوكيل، والشريكين يقوم كل واحد عن الآخر في التصرُّفات مطلقًا؛ وإلّا لما كان للوكالة أو الشركة من فائدة، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية حقوق الشريكين، وحقوق الناس=

<<  <  ج: ص:  >  >>