ولأنها تضمَّنت كفالة وغيرها مما لا يقتضيه العقد (٨٠).
(٨٠) مسألة: الفاسد من شركة المفاوضة هو: أن يشترك اثنان - فأكثر - ويُشترط كل واحد منهما: أن يُدخل في الشركة كل ما كسبه أحدهما، ولو كان هذا الكسب خاصًّا به: كأن يجد أحدهما لقطة، أو ركازًا - وهو الكنز المدفون في الأرض -، أو ميراثًا، أو أرش جناية على أحدهما، وكذا: إن اشترطا: أن يؤخذ من الشركة عوض كل مصيبة أصابت أحد الشريكين كأن يجني أحدهما جناية فيؤخذ أرش جنايته من الشركة، أو يغصب أحدهما سلعة فيؤخذ ضمانها من الشركة، أو يؤخذ ضمان ما أتلفه أحدهما، أو ضمان عارية أتلفها أحدهما، ونحو ذلك: فهذا كله فاسد، ولا تصح الشركة فيه؛ لقاعدتين: الأولى: التلازم؛ حيث إن عقد الشركة يلزم منها الوكالة والكفالة، فإذا أدخل الشريكان المكاسب النادرة أو الخسارة النادرة لكل واحد منهما كانت الشركة كفالة، وغير كفالة فيلزم فسادها؛ لكون هذا لا يدخل تحت عقد الشركة، الثانية: المصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لحق الشريكين حماية تامة؛ إذ قد تقع هذه المكاسب النادرة لزيد دون عمرو كثيرًا، فيُشاركه عمرو فيها، فيكون عمرو قد أخذ حقًّا لا يستحقه، فيتضرّر زيد، وقد تكون المصائب تقع من زيد كثيرًا دون عمرو، فيدفع عمرو حقًّا لم يلزمه، فيتضرّر عمرو، فدفعًا للضرر عن الجانبين: فسدت هذه الشركة، فإن قلتَ: إن ذلك تصح الشركة فيه، وهو قول محكي عن مالك، وبعض العلماء؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"إذا تفاوضتم فأحسنوا المفاوضة" حيث إنه ﵇ قد أقرَّها هنا الثانية: القياس، بيانه: كما تصح شركة العنان فكذلك تصح شركة المفاوضة والجامع: أن كلًّا منهما فيه نوع اكتساب قلتُ: أما الحديث: فقد ضعَّفه كثير من أهل الحديث، وعلى فرض قوته: فإنه يُحتمل أن المقصود: المفاوضة والمجادلة مع الخصم، يؤيده: قوله ﷺ: "ولا تجادلوا فإن المجادلة من الشيطان" وأما القياس: فهو فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ ووجه=