دفع أرض وشجر لمن يغرسه كما تقدَّم بجزء مشاع معلوم من الشجر (٦)(وهو) أي: عقد المساقاة والمغارسة والمزارعة (عقد جائز) من الطرفين؛ قياسًا على المضاربة؛ لأنها عقد على جزء من النماء في المال، فلا يفتقر إلى ذكر مدَّة، ولكلّ منهما فسخها متى شاء (فإن فسخ المالك قبل ظهور الثمرة فللعامل الأجرة) أي: أجرة المثل؛ لأنه منعه من إتمام عمله الذي يستحق به العوض (وإن فسخها هو) أي: فسخ العامل المساقاة قبل ظهور الثمرة: (فلا شيء له)؛ لأنه رضي بإسقاط حقه، وإن انفسخت بعد ظهور الثمرة: فهي بينهما على ما شرطاه، ويلزم العامل تمام العمل كالمضارب (٧)، (ويلزم
(٦) مسألة: إذا دفع زيد أرضه إلى عمرو لأجل أن يغرسها بجزء من الشجر والنخل معلوم مشاع: فإن ذلك يصح؛ للقياس على الزراعة، بيانه: كما أن العامل يبذر الأرض فيكون الزرع بينه وبين صاحب الأرض فكذلك الغرس مثله، والجامع: معرفة كل من العوض والعمل وكل من الطرفين، فلا غرر ولا جهل في كل. (فرع): إن دفع زيد أرضه إلى عمرو لأجل أن يغرسها أو يزرعها بشرط: أن تكون الأرض والشجر والزرع بينهما وأن تكون المدة معلومة فإنه يصح؛ للتلازم؛ حيث يلزم من معرفة العوض والعمل لكل من زيد وعمرو صحة ذلك، فإن قلتَ: لا يصح ذلك؛ وهو قول كثير من العلماء للتلازم؛ حيث يلزم منه: اشتراك المتعاقدين في الأصل الخاص بصاحب الأرض، وهذا فيه نوع ظلم. قلتُ: لا ظلم في ذلك، ولا غرر إذا علما العوض والعمل، والمدَّة فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازمين"(فرع ثان) عقد المساقاة والمزارعة والمغارسة يصح من مالك الأرض ومن ناظر الوقف؛ للمصلحة: حيث إن ذلك فيه جلب المصلحة للأرض في تعميرها، ودفع الفساد عنها.
(٧) مسألة: عقد المساقاة والمغارسة والمزارعة عقد لازم، لا يصح إلّا على مدَّة معلومة لصاحب النخل والشجر، والأرض، وللعامل عند العقد، فلا يجوز لأحدهما فسخه وهو مذهب الجمهور؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه: كما أن الإجارة عقد=