(الثاني: معرفة الأجرة) بما تحصل به معرفة الثمن؛ لحديث أحمد عن أبي سعيد: أن النبي ﷺ نهى عن استئجار الأجير حتى يُبيِّن له أجرة (٦)، فإن آجره الدار
= استأجره لبناء حائط فلا بدَّ أن يعرف المستأجر طوله، وعرضه، وارتفاعه، ونوع المادة التي يُبنى فيها من حجارة، أو بلك، أو لبن أو جص ونحو ذلك؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ قد استأجر رجلًا من بني الديل ليدله الطريق إلى المدينة المنورة" فلزم من ذلك: جواز استئجار الآدمي، واشتراط معرفة المنفعة بالوصف، الثانية: القياس، بيانه: وهو من وجهين: أولهما: كما يجوز بيع العين بثمن مطلق في موضع فيه نقد معروف فكذلك يجوز تأجير الدار والآدمي وإطلاق ذلك والجامع: أن العرف يُحدِّد المطلوب في ذلك، فلم يُحتج إلى بيان طريقة السكنى أو عمل الآدمي؛ لكونهما لا يستأجران إلا لذلك، ثانيهما: كما يجوز بيع العين الموصوفة وصفًا دقيقًا فكذلك يجوز تأجير المنفعة الموصوفة وصفًا دقيقًا والجامع: معرفة المباع والمؤجَّر بذلك تمام المعرفة. فإن قلتَ: لِمَ حصلت معرفة المنفعة بهذين الطريقين؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية للمتعاقدين من جهل وغرر يقع عليهما أو على أحدهما.
(٦) مسألة: في الثاني - من شروط صحّة الإجارة - وهو: أن يعرف كل من المؤجِّر والمستأجر قدر الأجرة، وهذه المعرفة تكون بالرؤية، أو بالوصف؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه تُشترط معرفة ثمن السلعة المباعة في البيع وذلك بالرؤية أو بالوصف فكذلك قدر الأجرة يشترط أن يُعرف بذلك والجامع: أن كلًّا منهما عوض في عقد معاوضة فوجب العلم به برؤية أو صفة. فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية المتعاقدين من التنازع بسبب جهل قدر الأجرة كما يحصل كثيرًا، تنبيه: ما ذكره المصنف من "نهي النبي ﷺ عن استئجار الأجير حتى يُبين له أجره" لا يصلح للاستدلال به؛ لضعفه؛ بسبب وجود انقطاع في سنده، وبعضهم جعله موقوفًا على راويه - وهو: أبو سعيد=